بسم الله الرحمن الرحيم
الحاجة إلى التوجيه والإرشاد النفسي:
لقد كان التوجيه والإرشاد فيما مضى موجودا ويُمارس دون أن يأخذ هذا الاسم أو الإطار العلمي ودون أن يشمله برنامج منظّم، ولكنه تطوّر وأصبح الآن له أسسه ونظرياته وطرقه ومجالاته وبرامجه، وأصبح يقوم به أخصائيون متخصصون علميا وفنيا وأصبحت الحاجة ماسة إلى التوجيه والإرشاد في مدارسنا وفي أسرنا وفي مؤسساتنا الإنتاجية وفي مجتمعنا بصفة عامة.
إن الفرد والجماعة يحتاجون إلى التوجيه والإرشاد، وكل فرد خلال مراحل نموه المتتالية يمر بمشكلات عادية وفترات حرجة يحتاج فيها إلى إرشاد. ولقد طرأت تغيرات أسرية تعتبر من أهم ملامح التغيّر الاجتماعي. ولقد حدث تقدّم علمي وتكنولوجي كبير، وحدث تطوّر في التعليم ومناهجه، وحدثت زيادة في أعداد التلاميذ في المدارس. وحدثت تغيرات في العمل والمهنة. ونحن الآن نعيش في عصر يطلق عليه عصر القلق. هذا كله يؤكد أن الحاجة ماسة إلى التوجيه والإرشاد. وفيما يلي تفصيل ذلك:
1ـ فترات الانتقال:
يمر كل فرد خلال مراحل نموّه بفترات انتقال حرجة يحتاج فيها إلى التوجيه والإرشاد. وأهم الفترات الحرجة عندما ينتقل الفرد من المنزل إلى المدرسة وعندما يتركها، وعندما ينتقل من الدراسة إلى العمل وعندما يتركه، وعندما ينتقل من حياة العزوبة إلى الزواج وعندما يحدث طلاق أو موت، وعندما ينتقل من الطفولة إلى المراهقة، ومن المراهقة إلى الرشد، ومن الرشد إلى سن القعود والشيخوخة. إن فترات الانتقال الحرجة هذه قد يتخللها صراعات وإحباطات وقد يلوّنها القلق والخوف من المجهول والاكتئاب. وهذا يتطلّب إعداد الفرد قبل فترة الانتقال ضمانا للتوافق مع الخبرات الجديدة، وذلك بإمداده بالمعلومات الكافية وغير ذلك من خدمات الإرشاد النفسي، حتّى تمر فترة الانتقال بسلام.
2ـالتغيرات الأسرية:
يختلف النظام الأسري في المجتمعات المختلفة حسب تقدّم المجتمع وثقافته ودينه. ويظهر هذا الاختلاف في نواحٍ عدّة مثل نظام العلاقات الاجتماعية في الأسرة ونظام التنشئة الاجتماعية..إلخ. ونحن نلمس آثار هذا الاختلاف في الدراسات الاجتماعية المقارنة بين المجتمعات الغربية، ومقارنة النظام الأسري، في المدينة والقرية والبادية…وهكذا.
3ـ التغير الإجتماعي:
يشهد العالم في العصر الحاضر قدرا كبيرا من التغير الاجتماعي المستمر السريع. ويقابل عملية التغير الاجتماعي عملية أخرى هي عملية الضبط الاجتماعيي التي تحاول توجيه السلوك بحيث يساير المعايير الاجتماعية ولا ينحرف عنها. وهناك الكثير من عوامل التغيّر الاجتماعي أدّت إلى زيادة سرعته عن ذي قبل مثل: الاتصال السريع والتقدم العلمي والتكنولوجي وسهولة التزاوج بين الثقافات ونمو الوعي وحدوث الثورات والحروب…إلخ.، ومن أهم ملامح التغير الاجتماعي ما يلي:
1ـ تغيّر بعض مظاهر السلوك، فأصبح مقبولا بعض ما كان مرفوضا من قبل، وأصبح مرفوضا ما كان مقبولا من قبل.( أصبح المنكر معروفاً والمعروف منكراً ).
2ـ إدراك أهمية التعليم في تحقيق الارتفاع على السلم الاجتماعي ـ الاقتصادي.
3ـ التوسع في تعليم المرأة وخروجها إلى العمل.( وهذه نقطة مهمة جداً.. كم أود ان أناقشها بشكل مفصّل..)
4ـ زيادة ارتفاع مستوى الطموح، وزيادة الضغوط الاجتماعية للحراك الاجتماعي الرأسي إلى أعلى.
5ـ وضوح الصراع بين الأجيال وزيادة الفروق في القيم والفروق الثقافية والفكرية وخاصة بين الكبار والشباب حتى يكاد التغير الاجتماعي السريع يجعل كلا من الفريقين يعيش في عالم مختلف.