قال الله الحكيم في كتابه:{ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ لا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.
تعجيلاً لفرج صاحب العصر ورفعاً للبلاء عن شيعته صلّوا على محمّد وآل محمّد.
اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد.
أوصى الله تعالى الناس في هذه الآية الكريمة بأعلى مراتب التقوى: { يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ} فإن كان لا بدّ أن تتّقوا فما أفضل أن تنالوا أرفع درجاتها {وَ لا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} إلاّ وأنتم حائزون على مرتبة التسليم والإسلام الحقيقيّ الواقعيّ.
ويستبطن قوله{حَقَّ تُقاتِهِ} العديد من المعاني. فلماذا يوصي الله تعالى بتحصيل أعلى مراتب التقوى؟
ويُلاحظ تأكيد على التقوى في القرآن الكريم والروايات الواردة عن الأئمّة المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. و لعلّ المعنى المتبادر من التقوى عادةً هو الخوف، فيفسّرون قوله تعالى: { يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ} بالأمر بالخوف من الله. ونحو قوله تعالى: {وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}أي: من يخف الله تعالى الله يسّر له اُموره.
أو قوله تعالى: {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتي وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَة}أي: خافوا من النار التي وقودها الناس والحجارة. ففي حقيقة الأمر يكون معنى التقوى ومعنى الخوف واحداً [وفق هذا التفسير]. وعليه فالمراد من الخوف في قوله تعالى: {وَ أَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى *فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى} تقوى الله.
و السؤال الذي يطرح هنا: لماذا يُخاف من الله؟ مع أنّ الله لا يخيف لأنّه أرحم الراحمين. فلماذا يخاف الإنسان من الله، مع أنّه ورد في الحديث القدسيّ: «إني أرحم وأرأف بكم من الأب والأم» فأصل وجود الله قائم على اللطف والرحمة، ولا معنى لأن يخاف الإنسان من ذات أساسها اللطف والرحمة والعطف. وبصورة عامّة، لعلّ نظرتنا إلى تلك الذات الرحيمة الرؤوفة تبدّلت، فصارت في أعيننا ذاتاً قهّارة جبّارة ذات جبروت، وصرنا نرى الله الذي هو أرحم الراحمين الرحيم بعباده بهذه الدرجة، مع أنّه معنا وقرين لنا... بل ورد في الحديث: « لو علم عبادي العاصون اشتياقي لهم ولمناجاتهم لحلّقت أرواحهم من أبدانهم من شدّة الشوق والذوق ». وعليه فهذا الإله لا يُخاف منه، الخوف هو من العمل القبيح، و وجود الله رحمة للعباد رأفة بهم. إلى درجة أنّه يقول بأنّ حال التوبة والإنابة والرجوع إليّ بعد الذنب خيرٌ من العبادة الظاهريّة. أتدرون ماذا يعني هذا الكلام أيّها الإخوان؟! معناه أنّ ما يريده الله منّا هو توجّهنا إليه لا العمل الظاهريّ، الذي يرضاه الله هو أن نقف على بابه ولا نقصد بابَ سواه، أن يكون فكرنا وقلبنا متوجّهاً إليه، هو لا يريد كثرة العمل، ولا الإقدام على الأعمال التي يكون نفس أدائها مانعاً عن حصول هذا الحال. وهذه المسألة دقيقة جداً. نفس العمل يجعل النفس تشعر بالرضى، ويزول منها حال الخجل والحياء من الله. الأعمال تشكّل حجاباً أمام توجّه الإنسان. هو في الظاهر يتلو القرآن، في الظاهر يصلّي، في الظاهر يصلّي صلاة الليل، في الظاهر يذكر الله، في الظاهر يقوم بأعمال الخير، ولكن نفس الاشتغال بالأعمال الظاهريّة الخيّرة يؤدّي إلى حالة في النفس تجعله يقول: الحمد لله نحن موفّقون، الحمد لله أن وفقنا لأداء هذه الأفعال، الحمد لله الذي وفّقنا، الحمد لله. وهذه (الحمد لله) حمد صادر عن حال من الدلال والإحساس بالغنى، وليست حمداً صادراً عن حال من الفقر والحاجة، والله يريد منا الإحساس بالفقر والحاجة، ولا يريد منا الشعور بالغنى، إذ الشعور بالغنى مختصّ به تعالى، ولنا نحن الشعور بالفقر والفاقة. وذلك الشعور بالفقر والخجل والحياء الناشئ عن التقصير في العمل أفضل عند الله وأحمد لديه من حال العبادة التي تبعث في الإنسان الشعور بالرضى؛ فهذه الحالة لا قيمة لها. لذا يريد الله تعالى من العبد أن يتوجّه إليه، وإذا مّا قام بعمل ما فلا بدّ أن يكون وسيلة للوصول إليه، لا أن يُرضي به نفسه.
وعلى أساس ذلك فماذا سيكون معنى التقوى في قوله تعالى: { يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ}؟ ليست التقوى بمعنى الخوف وقد فسّرت به غلطاً، ولا بمعنى الرعب الناشئ عن غضب غاضب وقوّته. التقوى نوع من الاضطراب والقلق الناشئ من عدم الوصول إلى المواهب العالية والكمالات التي قدّرها الله، هذا هو معنى التقوى. يا أيّها الذين آمنوا اتّقوا الله تعني أنّ عليكم أن تكونوا على شيء من القلق تجاه عواقبكم وتجاه فوات تلك المواهب التي قدّرها الله لكم. فالله تعالى لم يقدّر لكم مواهب صغيرة أو عطايا سخيفة. إنّ وجودكم في الدنيا كان لأهداف أخرى، فلا تقضوها بالتافه ولا تطووا أيامها بالأعمال اليوميّة، فتحرموا من تلك العطايا والمواهب.
فالتقوى إذن نوع من القلق على العواقب التي جعلها الله مقاصدَ وغاياتٍ وأهدافاً لخلقنا، وهي عبارة عن الوصول إلى معرفة الله، ولذا يكون معنى الآيات الآمرة بالتقوى هو ضرورة الاهتمام والقلق تجاه عدم الوصول إلى الفعليّات والكمالات التي أودع الله فينا استعدادها، فنبتغي الوسيلة إلى تحقيق ذلك. ومفاد قوله تعالى: {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتي وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَة} هو: اجعلوا أنفسكم في مأمن ووقاية ودرع من هذه النار، اجعلوا بينكم وبينها حجاباً، اجعلوا لأنفسكم وسيلة ترفع الخوف والقلق من عدم الوصول إلى تلك المراتب. وآية {وَ تَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى}تعني ضرورة أن يكون الإنسان في مقام يشكّل له زاداً للوصول إلى تلك المرتبة.
فظهر أنّ قوله تعالى: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ} يفيد أنّ للإنسان مراتب مختلفة في امتلاك هذا الزاد وتلك الراحلة، وذلك الحجاب والدرع الحاجز عن النار، والمؤدّي إلى القلق والاهتمام بالوصول إلى تلك المراحل.
تعجيلاً لفرج صاحب العصر ورفعاً للبلاء عن شيعته صلّوا على محمّد وآل محمّد.
اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد.
أوصى الله تعالى الناس في هذه الآية الكريمة بأعلى مراتب التقوى: { يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ} فإن كان لا بدّ أن تتّقوا فما أفضل أن تنالوا أرفع درجاتها {وَ لا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} إلاّ وأنتم حائزون على مرتبة التسليم والإسلام الحقيقيّ الواقعيّ.
ويستبطن قوله{حَقَّ تُقاتِهِ} العديد من المعاني. فلماذا يوصي الله تعالى بتحصيل أعلى مراتب التقوى؟
ويُلاحظ تأكيد على التقوى في القرآن الكريم والروايات الواردة عن الأئمّة المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. و لعلّ المعنى المتبادر من التقوى عادةً هو الخوف، فيفسّرون قوله تعالى: { يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ} بالأمر بالخوف من الله. ونحو قوله تعالى: {وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}أي: من يخف الله تعالى الله يسّر له اُموره.
أو قوله تعالى: {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتي وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَة}أي: خافوا من النار التي وقودها الناس والحجارة. ففي حقيقة الأمر يكون معنى التقوى ومعنى الخوف واحداً [وفق هذا التفسير]. وعليه فالمراد من الخوف في قوله تعالى: {وَ أَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى *فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى} تقوى الله.
و السؤال الذي يطرح هنا: لماذا يُخاف من الله؟ مع أنّ الله لا يخيف لأنّه أرحم الراحمين. فلماذا يخاف الإنسان من الله، مع أنّه ورد في الحديث القدسيّ: «إني أرحم وأرأف بكم من الأب والأم» فأصل وجود الله قائم على اللطف والرحمة، ولا معنى لأن يخاف الإنسان من ذات أساسها اللطف والرحمة والعطف. وبصورة عامّة، لعلّ نظرتنا إلى تلك الذات الرحيمة الرؤوفة تبدّلت، فصارت في أعيننا ذاتاً قهّارة جبّارة ذات جبروت، وصرنا نرى الله الذي هو أرحم الراحمين الرحيم بعباده بهذه الدرجة، مع أنّه معنا وقرين لنا... بل ورد في الحديث: « لو علم عبادي العاصون اشتياقي لهم ولمناجاتهم لحلّقت أرواحهم من أبدانهم من شدّة الشوق والذوق ». وعليه فهذا الإله لا يُخاف منه، الخوف هو من العمل القبيح، و وجود الله رحمة للعباد رأفة بهم. إلى درجة أنّه يقول بأنّ حال التوبة والإنابة والرجوع إليّ بعد الذنب خيرٌ من العبادة الظاهريّة. أتدرون ماذا يعني هذا الكلام أيّها الإخوان؟! معناه أنّ ما يريده الله منّا هو توجّهنا إليه لا العمل الظاهريّ، الذي يرضاه الله هو أن نقف على بابه ولا نقصد بابَ سواه، أن يكون فكرنا وقلبنا متوجّهاً إليه، هو لا يريد كثرة العمل، ولا الإقدام على الأعمال التي يكون نفس أدائها مانعاً عن حصول هذا الحال. وهذه المسألة دقيقة جداً. نفس العمل يجعل النفس تشعر بالرضى، ويزول منها حال الخجل والحياء من الله. الأعمال تشكّل حجاباً أمام توجّه الإنسان. هو في الظاهر يتلو القرآن، في الظاهر يصلّي، في الظاهر يصلّي صلاة الليل، في الظاهر يذكر الله، في الظاهر يقوم بأعمال الخير، ولكن نفس الاشتغال بالأعمال الظاهريّة الخيّرة يؤدّي إلى حالة في النفس تجعله يقول: الحمد لله نحن موفّقون، الحمد لله أن وفقنا لأداء هذه الأفعال، الحمد لله الذي وفّقنا، الحمد لله. وهذه (الحمد لله) حمد صادر عن حال من الدلال والإحساس بالغنى، وليست حمداً صادراً عن حال من الفقر والحاجة، والله يريد منا الإحساس بالفقر والحاجة، ولا يريد منا الشعور بالغنى، إذ الشعور بالغنى مختصّ به تعالى، ولنا نحن الشعور بالفقر والفاقة. وذلك الشعور بالفقر والخجل والحياء الناشئ عن التقصير في العمل أفضل عند الله وأحمد لديه من حال العبادة التي تبعث في الإنسان الشعور بالرضى؛ فهذه الحالة لا قيمة لها. لذا يريد الله تعالى من العبد أن يتوجّه إليه، وإذا مّا قام بعمل ما فلا بدّ أن يكون وسيلة للوصول إليه، لا أن يُرضي به نفسه.
وعلى أساس ذلك فماذا سيكون معنى التقوى في قوله تعالى: { يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ}؟ ليست التقوى بمعنى الخوف وقد فسّرت به غلطاً، ولا بمعنى الرعب الناشئ عن غضب غاضب وقوّته. التقوى نوع من الاضطراب والقلق الناشئ من عدم الوصول إلى المواهب العالية والكمالات التي قدّرها الله، هذا هو معنى التقوى. يا أيّها الذين آمنوا اتّقوا الله تعني أنّ عليكم أن تكونوا على شيء من القلق تجاه عواقبكم وتجاه فوات تلك المواهب التي قدّرها الله لكم. فالله تعالى لم يقدّر لكم مواهب صغيرة أو عطايا سخيفة. إنّ وجودكم في الدنيا كان لأهداف أخرى، فلا تقضوها بالتافه ولا تطووا أيامها بالأعمال اليوميّة، فتحرموا من تلك العطايا والمواهب.
فالتقوى إذن نوع من القلق على العواقب التي جعلها الله مقاصدَ وغاياتٍ وأهدافاً لخلقنا، وهي عبارة عن الوصول إلى معرفة الله، ولذا يكون معنى الآيات الآمرة بالتقوى هو ضرورة الاهتمام والقلق تجاه عدم الوصول إلى الفعليّات والكمالات التي أودع الله فينا استعدادها، فنبتغي الوسيلة إلى تحقيق ذلك. ومفاد قوله تعالى: {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتي وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَة} هو: اجعلوا أنفسكم في مأمن ووقاية ودرع من هذه النار، اجعلوا بينكم وبينها حجاباً، اجعلوا لأنفسكم وسيلة ترفع الخوف والقلق من عدم الوصول إلى تلك المراتب. وآية {وَ تَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى}تعني ضرورة أن يكون الإنسان في مقام يشكّل له زاداً للوصول إلى تلك المرتبة.
فظهر أنّ قوله تعالى: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ} يفيد أنّ للإنسان مراتب مختلفة في امتلاك هذا الزاد وتلك الراحلة، وذلك الحجاب والدرع الحاجز عن النار، والمؤدّي إلى القلق والاهتمام بالوصول إلى تلك المراحل.