تتزامن ذكرى تغييب الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه الثالثة والثلاثين مع انهيار نظام معمّر القذافي. حدث شدّ الأنظار صوب ليبيا لترصد أحداثها لحظة بلحظة وخبراً بخبر، أملاً بالحصول على معلومة قد توصل إلى إمام المحرومين، أو بشرى تزفّ نبأ انفكاك أسره ورفيقيه
رضوان مرتضى
أعاد انهيار نظام معمّر القذافي، بعد 42 عاماً من الحكم، ملف اختطاف السيّد موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين إلى الواجهة من جديد. كلّف مجلس الوزراء وزارة الخارجية إرسال بعثة حكومية رسمية إلى ليبيا للوقوف على ملابسات القضية. وتحدّث النائب ميشال موسى عن احتمال «انضمام نواب إلى البعثة الرسمية الحكومية»، لافتاً إلى أن وزارة الخارجية تجري الاتصالات اللازمة مع السلطة الانتقالية الليبية في هذا الخصوص»، علماً بأن الأمور لم تحسم بعد. في موازاة ذلك، قال ممثل المجلس الانتقالي الليبي في لبنان العقيد السابق في جهاز الأمن الخارجى الليبي، عبد الله الزيداني، إن العقيد معمر القذافي قتل الإمام الصدر ورفيقيه إثر اعتراض الصدر على لجوء القذافي إلى حذف كلمات من بعض الآيات القرآنية.
التصريح الذي أدلى به الزيداني إلى إحدى الوسائل الإعلامية، لاقى رفضاً من عائلة الإمام التي ردّت عبر وكيلها المحامي بلال الحسيني، بالقول إن ما تقدّم به الزيداني هو تكرار لمزاعم قديمة ليس لها سند فعلي. وأكد محامي العائلة لـ«الأخبار» أنه منذ اختطاف الإمام الصدر ورفيقيه، كانت المعلومات المتوافرة لدى العائلة تؤكد أن الإمام وأخويه لا يزالون على قيد الحياة.
بالتزامن، لا يزال الملف القضائي مفتوحاً أمام القضاء اللبناني. وكان رئيس المجلس العدلي القاضي سامي منصور قد أرجأ جلسة المحاكمة إلى 14 تشرين الأول المقبل، علماً بأن التحقيقات الأولى بدأها القضاء الإيطالي الذي حقّق على مرحلتين؛ الأولى كانت بتاريخ 24 أيلول 1978، أما الثانية فجرت في 23 أيلول من عام 1981 وأكدت النتائج أن الصدر ورفيقيه لم يصلوا إلى إيطاليا قادمين من ليبيا.
لبنانياً، بدأت التحقيقات بعدما أصدرت الحكومة مرسوماً يحمل الرقم 3794 في 4/2/1981، معتبرة إخفاء الصدر ورفيقيه جريمة اعتداء على أمن الدولة. وسنداً للمرسوم المذكور، أصدر وزير العدل قراراً برقم 72 تاريخ 6/2/1981، عيّن بموجبه القاضي طربيه رحمة محققاً عدلياً في القضية. وقد أصدر رحمة قراراً بتاريخ 18/11/1986 أكد اختصاص القضاء اللبناني في النظر في القضية، كما أصدر مذكرة تحرٍّ دائم توصلاً لمعرفة الفاعلين والمحرضين والمتدخلين في الجريمة.
وبتاريخ 27/7/2004، تقدمت العائلات بدعوى ضد العقيد القذافي ومسؤولين آخرين اتخذت فيها صفة الادعاء الشخصي على كل من يظهره التحقيق فاعلاً، متدخلاً، محرضاً أو شريكاً في الجرم. وقد ادّعى القاضي عدنان عضوم عام 2004 على القذافي و16 من أعوانه المعروفين، منهم أحد كبار معاونيه. كذلك كرّر الادّعاء المدعي العام التمييزي سعيد ميرزا عام 2008.
وقد أصدر المحقق العدلي القاضي سميح الحاج قراراً اتهامياً بتاريخ 21 آب 2008 طالباً إنزال عقوبة الإعدام بحق القذافي و16 آخرين، بمقتضى المادة 569/218 من قانون العقوبات اللبناني لجهة التحريض على خطف كلّ من الصدر ورفيقيه وحجز حريتهم. وأصدر أيضاً مذكرة إلقاء قبض بحق كل من المدّعى عليهم وسوقهم مخفورين إلى محل التوقيف التابع للمجلس العدلي في بيروت.
الدعوى اليوم لا تزال عالقة أمام المجلس العدلي، لكن الأنظار متجهة صوب المجلس الانتقالي الليبي الذي سيتولى الحكم، إذ يعوّل عليه في كشف ملابسات الجريمة. وتطرح تساؤلات بشأن جواز مطالبة لبنان السلطات الليبية الجديدة بتسليم القذافي والمتورطين.
تقصير لبنان الرسمي
يأخذ المتابعون لقضية إخفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين على لبنان السياسي عدم التحرّك الجدي، وذلك منذ تاريخ وقوع جريمة الاختطاف التي حصلت في عهد الرئيس الياس سركيس عام 1978. ويرى هؤلاء أن السلطات القضائية تأخرت في إرسال مذكرات التوقيف الصادرة عن القضاء اللبناني إلى مكتب الأنتربول في باريس، ما عطّل وضعها موضع التنفيذ. وكانت قد أرسلت طلبات إصدار نشرات حمراء بحق القذافي ورفاقه الستة عشر منذ شهر شباط من عام 2011، لكن أمانة الأنتربول لم تتحرك حتى الآن لأسباب غير مبرّرة، علماً بأن مذكرات التوقيف صدرت منذ عام 2008.
في مقابل ذلك، رغم اتهام المسؤولين بالتقصير، ترى عائلة الإمام أن الفرصة لا تزال مؤاتية للعمل جدّياً لتعويض ما فات، وصولاً إلى تحرير الإمام ورفيقيه من الاحتجاز.
[right]منقول من موقع بنت جبيل[/right]