العقيدة وطرق معرفتها .
بسم الله وبالله والصلاةُ والسلامُ على رسوله وآله أجمعين ..
العقيدة هي المعلومات التي ارتبطت بالقلوب وترسّخت في النفوس ، فكُلُّ المعلومات الموجودة في الذهن لا تُسمّى عقيدةً ما لم يتأكّد منه ويقطع به ويعقد عليه القلب .
*ما هو دور العقيدة في حياة الإنسان ؟
لا شك في أنّ الأشياء بوجودها الواقعي لا تُحرِّك الإنسان ما لم يتحول هذا الوجود إلى وجود علمي . ويأخُذ شكل العقيدة الراسخة ، فوجود حيوان مُفترس من خلفنا لا يصنع في أنفسنا ذرّة من الخوف إن لم تعلم به ، وتعتقد بوجوده ، بينما لو اعتقدنا بوجود فأرة صغيرة في حُجرِها إلى جانبِ فراشِنا فلن نستطيع النوم أبداً .
إذن العقيدة وحدها القادرة على تحريكنا وتسكيننا .
وانطلاقاً مما تقدّم ، أكد الإسلام على ضرورة الإيمان وضرورة العقيدة لتولّد في داخلنا المحرِّك والحافز نحو الطاعة والعمل لوجهه تعالى ، مبتعدين عن المعصيةِ والفاحشة .
قال تعالى " آمن الرسول بما أُنزِلَ إليه من ربّه والمؤمنون كُلٌّ آمن بالله وملائكته وكُتُبه ورُسله لا نُفرِّق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا واطعنا غفرانك ربّنا وإليك المصير "
*البحث عن عقيدتنا .
لا يُمكن لنا أن نؤمِن بشيء ، إيماناً صحيحاً على نحوِ القطع واليقين إلّا إذا علمناه عِلماً تفصيليّاً وأقمنا عليه الدليل ، من هنا كان الإيمانُ عن تقليد الغير من الآباءِ والأجداد وغيرِهم ليس عقيدةً مقبولة .
ولهذا نرى الله تعالى يخاطب المقلدين في عقيدتهم " وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى رسوله قالوا حسبنا ما وجدنا عليه أباءنا أواو كان آباؤهم لا يعلمون شيئاً ولا يهتدون "
الله عزّ وجل دعانا إلى البحث عن عقيدتنا ، لا لأن نسير وراء أجدادنا من دون أن نشغِّل عقلنا ونتفكّر في أفعالنا ، وعدم جواز التقليد في المسائل الإعتقاديّة لا يعني عدم التعلّم من العلماء والأخذ عنهم ما يساعدنا في التفكّر والوصولِ إلى الحقيقة ، إذ إنّ التعلّم وسيلةٌ من وسائل البحث ولا يُلغي دور العقل .
عبر قراءتنا للتاريخ نرى أنّ الإنسان منذ القدم حتّى يومنا هذا قد شغِل باله بعض الأسئلة ، فالإنسان بفطرته يُحب أن يعلم من أين جاء ؟ ومن الذي خلقه ؟ وما هو دوره ؟ وما الغاية من وجوده ؟ وغيرها من الأسئلة .
فمن خلال البحث عن مصدر وجودنا ندخل في مسألة الألوهيّة وما يرتبطُ بها من العدل ، ومن خلال البحث عن الدور المطلوب منّا ندخل في بحث النبوّة والإمامة ، ومن خلال البحث عن المصير ندخل في بحث المعاد .
من هنا فرضت هذه الأمور نفسها كأصول للدين لا بُد من الإيمان بها عن قطع ويقين .
*ما هي طُرق المعرفة ؟
طُرق المعرفة التي توصلنا نحو معرفة العقائد الحقّة ثلاث :
المعرفة من خلال القدرة الحسيّة : وهي قدرة تمكِّنه من معرفة الأمور الحسيّة كالمبصراتِ والمشموماتِ والمذوقاتِ والمسموعاتِ والمحسوساتِ .
المعرفة من خلال القدرة العقليّة : وهي قدرة تمكّنه من معرفة ما لا يدركه الحس من المعاني العامة من خلال معرفة آثارها , وذلك كمعرفة أنّ وراء الباب شخص عندما نسمع قرعاً على الباب ، وهذه المعرفة تكون قطعيّة حتّى ولو لم نره بأعيننا .
ومما يُدرك بالقدرة العقليّة وجود المعلول من خلال إدراك علته ووجود العلّة من خلال إدراك وجود المعلول .
وهكذا في كُلِّ أثر ومأثور .
وهناك طريق ثالث وهو طريق الوحي ، سنتطرّق له في مباحث النبوّة .
تحيّة وتقدير من القلب إلى القلب والسلامُ عليكُم ..
أتمنّى عليكُم طرح أسألتِكُم إن كنتُم تريدون أيّ استفسار على أن يتُم الجواب عنها لا حقاً .
آجركُم الله والسلام .