أصاب القحط الإخوة العشرة بالنفور, فجاؤوا إلى يوسف بعد طول مسير, وشرحوا حالهم وما أصابهم من ذلة, وطلبوا العون بسبب القحط في هذه السنة, وكان وجه يوسف مقنّعاً بحجاب, وأمامه طاسٌ في ذلك الوقت, فما أن طرقَ الطّاس بيده, حتّى انهمر الطّاس في بكاء ونحيب, فقال يوسف في الحال: يا مَن تدركون الحكمة, ألا يعرف أحدكم صوت هذا الطّاس؟ فنطق الإخوة العشرة أمام يوسف مقرّين بعجزهم في هذا الوقت, حيث قالوا: أيّها العزيز العالم بالحق, كيف يعرف الشخص أيّ صوت صادر عن الطّاس؟
فقال يوسف في التو: إنّني أعرف تماماً ما يقوله, ولكنّكم واهنون. فالطاس يقول: لقد كان لكم من قبل أخ له من الحُسن أكثر ممّا للكل, وكان اسمه يوسف, كما كان يفوقكم في مراتب الحُسن والكمال. ثمّ طرق الطّاس مرّة أخرى, وقال: كما أنّه يقول: لقد ألقيتم بيوسف في البئر, ثمّ اتّهمتم ذئباً بريئاً. وطرق الطّاس مرّة ثالثة, فأحدث أصواتاً أخرى, فقال: يقول الطّاس: إنّكم أصبتم الوالد بالحرقة, حيث بعتُم يوسف القمري الوجه. فهل يفعل الكفّار ما فعلتموه مع أخيكم؟ فليصبكم الخذلان من الحقّ أيّها الحاضرون.
تملّكَ هؤلاء الإخوة الحيرة في هذا الكلام, وتصبّب الجميع عرقاً, ممّا ألمّ بهم من خجل, وعلى الرّغم من أنّهم باعوا يوسف في ذلك الوقت, إلّا أنّهم أضاءوا طريق الحياة أمامه في ذلك الوقت, وما أن ألقوه في البئر, حتّى سقطوا جميعاً في بئر البلاء.
عديم البصيرة مَن يسمع هذه القصّة ولا يأخذ منها العبرة. لا تنظر إلى هذه القصّة بلا بصيرة, فهذه كلّها قصّتك أنت أيّها الجاهل.
كلّ ما فعلته من عدم وفاء, قد فعلته دون إدراك لنور المعرفة, وإن يطرق إنسان الطّاس من أجلك, فستجد أفعالك القبيحة تفوق كلّ هذا, فلتظل كما أنت حتّى يوقظوك, ثمّ يأسروك وأنت في طباعك السّيّئة. وليبقَ إلى الغد كلّ جفائك, وليبقَ لك كلّ كفرك وأخطائك, فسيعرض كلّ ذلك واحداً واحداً, وسيحصي عليك كلّ ذلك واحداً واحداً, وإلام يصل صوت الطّاس إلى الأذن؟ إنّني لا أعلم إلى متى يبقى العقل والإدراك.
يا شبيهاً بالنملة العرجاء في مزاولة كلّ أمر, هكذا أصبحت في قاع الطّاس كالأسير, وما أكثر ما طفتَ حول الطّاس منكّساً, فامضِ فإنّ هذا الطّست غاص بالدّماء, وإن تظلّ وسط الطّاس مبتلياً, فسيأتيك بصوت جديد في كلّ لحظة. فارفع الرأس وأمعن النظر يا عالماً بالحق, وإلّا فتصبح مفضوحاً من صوت الطّاس.
فقال يوسف في التو: إنّني أعرف تماماً ما يقوله, ولكنّكم واهنون. فالطاس يقول: لقد كان لكم من قبل أخ له من الحُسن أكثر ممّا للكل, وكان اسمه يوسف, كما كان يفوقكم في مراتب الحُسن والكمال. ثمّ طرق الطّاس مرّة أخرى, وقال: كما أنّه يقول: لقد ألقيتم بيوسف في البئر, ثمّ اتّهمتم ذئباً بريئاً. وطرق الطّاس مرّة ثالثة, فأحدث أصواتاً أخرى, فقال: يقول الطّاس: إنّكم أصبتم الوالد بالحرقة, حيث بعتُم يوسف القمري الوجه. فهل يفعل الكفّار ما فعلتموه مع أخيكم؟ فليصبكم الخذلان من الحقّ أيّها الحاضرون.
تملّكَ هؤلاء الإخوة الحيرة في هذا الكلام, وتصبّب الجميع عرقاً, ممّا ألمّ بهم من خجل, وعلى الرّغم من أنّهم باعوا يوسف في ذلك الوقت, إلّا أنّهم أضاءوا طريق الحياة أمامه في ذلك الوقت, وما أن ألقوه في البئر, حتّى سقطوا جميعاً في بئر البلاء.
عديم البصيرة مَن يسمع هذه القصّة ولا يأخذ منها العبرة. لا تنظر إلى هذه القصّة بلا بصيرة, فهذه كلّها قصّتك أنت أيّها الجاهل.
كلّ ما فعلته من عدم وفاء, قد فعلته دون إدراك لنور المعرفة, وإن يطرق إنسان الطّاس من أجلك, فستجد أفعالك القبيحة تفوق كلّ هذا, فلتظل كما أنت حتّى يوقظوك, ثمّ يأسروك وأنت في طباعك السّيّئة. وليبقَ إلى الغد كلّ جفائك, وليبقَ لك كلّ كفرك وأخطائك, فسيعرض كلّ ذلك واحداً واحداً, وسيحصي عليك كلّ ذلك واحداً واحداً, وإلام يصل صوت الطّاس إلى الأذن؟ إنّني لا أعلم إلى متى يبقى العقل والإدراك.
يا شبيهاً بالنملة العرجاء في مزاولة كلّ أمر, هكذا أصبحت في قاع الطّاس كالأسير, وما أكثر ما طفتَ حول الطّاس منكّساً, فامضِ فإنّ هذا الطّست غاص بالدّماء, وإن تظلّ وسط الطّاس مبتلياً, فسيأتيك بصوت جديد في كلّ لحظة. فارفع الرأس وأمعن النظر يا عالماً بالحق, وإلّا فتصبح مفضوحاً من صوت الطّاس.