هل تُقلُّ الرّؤى جموحَ هواها
إن دنا الحلمُ مرّةً لمناها؟
أو روى الضّوعُ في العناقِ ضلوعاً
وعلى شهقةِ الذّهولِ طواها؟
أو هفا الشّوقُ من جفونِ التّمنّي
يستقي الدّمعَ من غيومِ عُلاها؟
يدلُقُ الضّوءَ من يديهِ بنهرٍ
فيؤمُّ النّدى ضفافَ بهاها
بعضُ هذي الرّؤى جنونُ خيالٍ
وَثَبَتْ روحُهُ ظمىً للقاها
بعضُها بسمةٌ ونجمٌ تدلّى
أهرقَ العمرَ في انتظارِ سناها
ياحبيبي، أنا رموشُ ابتهالٍ
ذَرَفَتْ عينَها بكَأْسِ رجاها
بينَ هذي الرّؤى وتلكَ الأماني
أبقتِ الهُدْبُ لي يداً وشفاها
وزماناً سفحتُهُ في سؤالي
موسِمَ الوصلِ بَسْطَةً وَرَفاها
وَعْدُهُ في دمِ القصيدِ احتواني
حِبْرُهُ ضاءَ، إن تبسّمَ طه:
سَكَبَ الوجدَ في دُفاقِ المعاني
فأحاطَ القُصورُ رحبَ شذاها
حائراً في سطورِها مثلَ خجلى
عثرَتْ في تأوُّهاتِ حُلاها
....................
كانتِ الأرضُ في انتظارِ خُطاهُ
مهبطَ اليبْسِ والحريقُ مداها
فإذا افترَّ في السّماءِ ابتِهالٌ
مزَّقَ اللَّيلَ عن ثُغورِ كِواها
سفَرَ الكُنْهُ فالأنامُ عيونٌ
تُبصِرُ الكَوْنَ عاشقاً وإلها
.......................
سيّدي: طالَتِ الدُّروبُ عناءً
شرَفُ الوحيِ أن يطولَ عناها
ولئِنْ هبَّتِ القُلوبُ دفاعاً
تسكُبُ الحُبَّ من وريدِ فِداها
فلقدْ جِئْتُ في قصورِ نشيدي
أنهلُ الحُبَّ من معاني عَطاها
والقوافي جثتْ على رعْشِ لحنٍ
يرشُفُ السُّكرَ ثمَّ يلثُمُ فاها
عشقُها غائرٌ سحيقُ المرامي
لايُدانى، ولا الحبيبُ يُضاهى
أوَلَيْسَ الّذي شَدَتْ في هواهُ
صافيَ الحُبِّ سائِغاً يتماهى؟
كوثراً في فروعِ أصلٍ شريفٍ
فرضً اللهُ حبَّها وهواها
نبعةً من نميرِها كُلُّ عذبٍ
والصّلاةُ امتدادُ طُهْرِ نقاها
مُصطفى، كُلّما عليهِ أهلَّتْ
حثَّتِ الجنَّةُ اقترابَ خُطاها
ووُجوهاً إذا دعَتْ بزوالٍ
لجبالٍ تصدّعَتْ، فَمَحاها
فلها الشّمسُ في السّماءِ أُضيئتْ
ولها الأرضُ مَدّها وَدَحاها
وبِها الخُضْرُ عبقرِيٌّ حسانٌ
تفرُشُ الخلدُ نُزلَها وقِراها
خصَّها اللهُ بالعُلومِ طُلوعاً
يُزهِرُ العقلُ ما قرا ووعاها
كُلّما شتَّتَ الزَّمانُ قلوباً
لَمَّها قلبُ عشقِها وحواها
أو طما اللّيلُ والصّباحُ غريقٌ
سَرَبَ الفجرُ من سفينِ نجاها
سيّدي هاجَ في رؤايَ جموحٌ
فاسكُبِ الوصلَ في كؤوسِ ظماها
...................