بسمه تعالى
اللهمّ صلِّ على محمّد وآلِ محمّد وعجِّل فرجهم
{الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} إلى آخر الآيات المباركة.. فالملاحظ هنا أن القرآن الكريم هداية، والهداية هي عملية ذهنية وإدراكية، بمعنى نقل الإنسان من المجهول إلى المعلوم.. ولكن لماذا جعل القرآن الكريم هذه الهداية خاصة بالمتقين؟.. والتقوى: عملية فعلية، وورع، وفعل، وترك.. فإذن، ما الارتباط بين عالم المعرفة وهي الهداية، وبين عالم العمل وهي التقوى؟..
الجواب هو: إن القرآن هداية شأنية، فمن شأن القرآن أن يهدي؛ ولكن هذه الهداية الشأنية لا تتحقق فعلاً وواقعاً، إلا للذين استعدوا لقبول هذه الهداية.. فالقرآن هدى، ولكن لمن يبحث عن الهدى: في الصحراء القاحلة، وفي جوف الليل.. هناك دليل يدّعي بأنه سوف يخرجك من الظلمات إلى النور، فالذي لا يعترف بهذا الدليل، أو يعترف بأنه دليل، ولكن لا يعطيه وزناً، ولا يعطيه أهمية، هل يخرجه من الظلمات إلى النور؟.. لا، لن يخرجه أبدا، ولا يُتوقع منه أن يأخذ بيد هذا الإنسان الذي لا يعترف بوجوده، أو يعترف بوجوده؛ ولكن ليس في مقام الأخذ بدلالته.. والقرآن الكريم هدى، لا بما هو معلومات مطوية بين الدفتين، ولا بما هو نظريات يعرفها المفسرون.. كم من الذين يتلون القرآن، والقرآن يلعنهم!.. وكم هم الذين يفسرون القرآن بما لا يخطر على الافهام، وهم بعيدون كل البعد عن معاني القرآن الكريم!.. فإذن، إن القرآن الكريم يقول بأنني هدى، ودليل، ومنقذ، ومُخرج من الظلمات إلى النور؛ ولكن لمن؟.. للمتقين!..
تحيّة وتقدير والسلام عليكم