هو العليم
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين
ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
ينبغي أن يكون التوسّل بالإمام لأجل رفع الحجب الظاهريّة والباطنيّة
إنّ مجالس التوسّل بوليّ العصر ومحافله هي في غاية الحسن والجودة، بَيدَ أنّ التوسّل الذي يُقْصَدُ من ورائه الحقّ؛ والوصول إلى الحقّ؛ ورفع الحجب الظلمانيّة والنورانيّة؛ وكشف حقيقة الولاية والتوحيد؛ وحصول العرفان الإلهيّ والفناء في ذاته المقدّسة، هو التوسّل المرغوب والمحمود. و لذلك فإنّ انتظار الفرج حتى في عصر الأئمّة عليهم السلام أنفسهم كان يعتبر من أعظم الأعمال وأكثرها فضيلة.
إنّ التوسّل بحقيقة ولاية الإمام لكشف حجب الطريق من أفضل الأعمال؛ لأنّ توحيد الحقّ من أفضل الأعمال. كما أنّ انتظار الظهور الخارجيّ للإمام بوصفه مقدّماً على ظهوره الباطنيّ وكشف ولايته مفيد. وانتظار الظهور الخارجيّ محبوب ومحمود في ضوء ذلك.
وإذا كنّا نرمي إلى الظهور الخارجيّ وحده دون القصد إلى تلك الحقيقة ومحتواها، فقد بعنا الإمام بِثَمَنٍ بَخسٍ حينئذٍ؛ وبالتالى فنحن المتضرّرون كثيراً؛ لأنّ المراد والمقصود ليس التشرّف بحضوره الطبيعيّ؛ وإلّا فإنّ كثيراً من الناس كانوا يرون الأئمّة في عصورهم ويحضرون عندهم؛ ويتكلّمون معهم؛ بَيدَ أنهم كانوا لا خلاق لهم من حقيقتهم. ولو كنّا في مجالس التوسّل، أو عند الاختلاء بأنفسنا توّاقين إلى لقائه؛ ورزقنا الله ذلك، ولم تكن غايتنا لقاء الله وحقيقة الولاية، فإنّنا نتشرّف برؤيته على نفس النسق الذي كان الناس به يتشرّفون برؤية الأئمّة والحضور عندهم آنذاك. وإنه لغَبْن وضرر كبير أن نتشرّف بخدمته بعد الجدّ والجهد والكدّ والسعي، بينما ليس لدينا هدف أعلى وأسمى من اللقاء الظاهريّ ـ وهذا اللقاء في الحقيقة لرفع الشكّ والشبهة عن وجوده وطول عمره ـ أو أن نتوجّه إليه في قضاء حوائجنا المادّيّة ورفع ما يهمّنا من أمورنا الخاصّة أو العامّة؛ وهو أمر كان متيسّراً لجميع الناس الذين شهدوا عصر الأئمّة عليهم السلام بدون مشقّة التوسّل.
على أنّ الشيء القيّم حقّاً هو التشرّف بحقيقة الإمام وبلوغها، والشوق إلى لقائه من حيث آيتيّة الحقّ سبحانه وتعالى؛ وهذا هو المهمّ؛ وهو من أفضل الأعمال؛ ومثل هذا الانتظار للفرج يحيى القلوب وينعش النفوس و يطيّب الأرواح، رَزَقَنَا اللهُ وَ إيّاكُمْ إن شَاءَ اللهُ بِمحمّد وَ آلِهِ الطّاهِرِينَ.
ما هي القيمة من وراء العلم بزمن ظهوره الخارجيّ لنا؟ ولذلك فقد ورد في الأخبار النهي عن التفحّص والتجسّس في مثل هذه الأمور.
الهدف من الظهور هو تهذيب النفس
افرضوا أننا عرفنا زمن ظهوره عن طريق علم الجَفْر والرَمْل الصحيح، فماذا نفعل حينئذٍ؟ وما هو واجبنا؟ إنّ واجبنا هو تهذيب النفس الأمّارة وتزكيتها وإعدادها للقبول والتضحية والإيثار.
إنّنا مكلّفون بهذه الأمور دائماً؛ وما علينا إلّا أن نعيش أجواء تهذيب النفس وتزكيتها، وتطهير الضمير؛ سواء عرفنا وقت ظهوره أو لم نعرف ذلك؛ ولو أخلصنا نيّاتنا وتأهبّنا لذلك فسيحالفنا الحظّ والتوفيق بلقائه الحقيقيّ؛ ولو لم نكن كذلك، فإنّنا لن نقطف شيئاً ذا بال من وراء لقاء جسمه العنصريّ والمادّيّ؛ ولا نحصل على نتيجة من هذا اللقاء.
ولذلك نرى كثيراً من الأشخاص الذين أقاموا في مسجد السَهْلَةَ أو في مسجد الكوفة أو في غيرهما من الأماكن المقدّسة أربعينيّات متعدّدة لزيارة الإمام وظفروا بذلك، إلّا أنهم لم يحصلوا على شيء مهمّ من تلك الزيارة.
وما ينبغي ذكره أكثر من غيره هو أنّ الظهور الخارجيّ والعامّ لم يقع للإمام بعد؛ ومرتبط بأسباب وعلامات لا بدّ من تحقّقها؛ إلّا أنّ الظهور الخاصّ والباطنيّ ممكن للبعض؛ وبكلمة بديلة: إنّ سبيل الوصول إلى الإمام والتشرّف بخدمته مفتوح للجميع، غاية الأمر أنه يحتاج إلى تهذيب الأخلاق وتزكية النفس.
وكلّ من نوى لقاء الله هذا اليوم، وجاهد نفسه لهذا الهدف، فيسحظى بظهور الإمام الشخصيّ والباطنيّ دون أدنى شكّ، ذلك لأنّ لقاء الحقّ لا يتحقّق بدون اللقاء الآيتيّ والمرآتيّ للإمام.
اللقاء الواقعيّ لإمام الزمان أرواحنا له الفداء
وَ مُحَصَّلُ الْكَلَامِ هو: أنّ طريق التشرّف بحقيقة ولاية الإمام مفتوح؛ وهذا هو المهمّ؛ إلّا أنه يحتاج إلى مجاهدة النفس الأمّارة وتزكية الأخلاق وتطهير الباطن؛ وكذلك يحتاج إلى السير والسلوك في طريق عرفان الحقّ سبحانه وتعالى وتوحيده؛ سواء تحقّق الظهور الخارجيّ والعامّ للإمام عاجلًا أو لم يتحقّق.
وذلك لأنّ الله جلّ شأنه غير ظالم؛ ولا يمنع فيضه؛ ولم يوصد طريق الوصول أمام المشتاقين التوّاقين.
هذا الباب مفتوح دائماً؛ ويرحّب بدعوة المحبّين والمشتاقين والعاشقين ملبيّاً لها.
فما على عشّاق الجمال الإلهيّ والمشتاقين إلى لقائه جَلَّ وَعَلَا إلّا أن يجدّوا في طريق سير عرفانه وسلوكه بخطى ثابتة وطيدة: ويوصلوا أنفسهم إلى النقطة المنشودة بالتهذيب والتزكية، والمراقبة الشديدة، والاهتمام بالواجبات الإلهيّة، والتكاليف السبحانيّة، وحينئذٍ ـ شاء الإنسان أم أبى ـ فإنّهم سيحبرون بالطلعة المنيرة لإمام الزمان وقطب دائرة الإمكان الذي يمثّل وسيلة الفيض وواسطة الرحمة الرحمانيّة والرحيميّة للحقّ.
ويتمتّعون بكلّ السبل المفيدة لتكميل نفوسهم؛ ويستثمرون جميع الاستعدادات الفطريّة من أجل التطبيق العمليّ لها بغية الوصول إلى نقطة الكمال.
وَفَّقَنَا الله تعالى وَ إيَّاكُم بِمَحَمَّدٍ وَ آلِهِ صَلَّى اللهُ على مُحَمَّدٍ وَآلِهِ.
وينبغي هنا أن نأخذ بعين الاعتبار ثلاث نقاط: الأولى: أنّ غيبة الإمام هي من جانبنا لا من جانبه. أي: أننا حرمنا أنفسنا من زيارته بسبب ذنوبنا وأنانيّاتنا وتوجّهاتنا الاستكباريّة، لا أنه هجر نفسه وأخفاها عنّا، وبعبارة أخرى، هو غائب عنّا، ونحن غير غائبين عنه.
الثانية: أنّ قدرة الإمام وعلمه وإحاطته وسيطرته على الأمور.. كلّ ذلك لا يتوقّف على عصر الظهور بحيث نتصوّر أنها ليست له قبل الظهور، وإذا ما ظهر فسوف تكون له. بل هو في الحالين يتمتّع بالهيمنة والسيطرة والإحاطة التكوينيّة، وهي كلّها ملازمة لولايته الكلّيّة؛ إلّا أنّ هذا الأمر محجوب عن أنظار الناس، وعن إدراك العقول والنفوس قبل الظهور، وسيتجلّى بعد الظهور.
الثالثة: أنّ القدرة العمليّة للإمام وسعته العلميّة وإحاطته التكوينيّة بالأمور لا تنحصر في أعمال الخير والبرّ والإحسان التي نراها خيراً؛ بل هي الهيمنة والسَيْطَرة على جميع الأمور؛ خيرها وشرّها، وبشكل عامّ على كلّ عمل، وكلّ فعل، وكلّ موجود من الموجودات؛ لأنّ العالم كلّه خيرات على أساس النظام الكلّيّ لعالم التكوين، ولا شرّ فيه أبداً، والشرّ أمر عَدَميّ ليس من الله، وليس من وليّه؛ والشَّرُّ لَيْسَ إليك.
إذَا سَفَرَتْ في يَومِ عِيدٍ تَزَاحَمَتْ
على حُسنِهَا أبْصَارُ كُلِّ قَبِيلَةِ
فَأرْوَاحُهُمْ تَصْبُو لِمَعْنَى جَمَالِها
وَأحْدَاقُهُمْ مِنْ حُسْنِهَا في حَدِيقَةِ
وَ عِنْدِيَ عِيدِي كُلُّ يَوْمٍ أرى بِهِ
جَمَالَ مُحَيَّاهَا بِعَيْنٍ قَرِيرَةِ
وَ كُلُّ اللَّيالى لَيْلَةُ الْقَدْرِ إنْ دَنْتَ
كَمَا كُلُ أيَّامِ اللِّقَا يَوْمُ جُمْعَةِ
وَسَعْيِي لَهَا حَجٌّ بِهِ كُلُّ وَقْفَةٍ
على بَابِهَا قَدْ عَادَلَتْ كُلَّ وَقْفَةِ
وَ أيّ بِلَادِ اللهِ حَلَّتْ بِهَا فمَا
أرَاهَا، وَ في عَيْنِي حَلَتْ، غَيْرَ مَكَّةِ
وَ أيّ مَكَانٍ ضَمَّهَا حَرَمٌ كَذَا
أرى كُلَّ دَارٍ أوطَنَتْ دَارَ هِجْرَةِ
وَ مَا سَكَنَتْهُ فَهْوَ بَيْتٌ مُقَدَّسٌ
بِقُرَّةِ عَيْنِي فِيهِ أحْشَاي قَرَّتِ
وَ مَسْجِدِيَ الأقْصَى مَسَاحِبُ بُرْدِهَا
وَ طِيبي ثَرَى أرْضٍ عَلَيْهَا تَمَشَّتِ
نَهَارى أصِيلٌ كُلُّهُ إنْ تَنَسَّمَتْ
أوَائِيلُهُ مِنْهَا بِرَدِّ تَحِيَّتي
وَ لَيْلِيَ فِيهَا كُلُّهُ سَحَرٌ إذَا
سَرَى لِيَ مِنْهَا فِيهِ عَرْفُ نُسَيْمَةِ
وَإنْ طَرَقَتْ لَيْلًا فَشَهرِيَ كُلُّهُ
بِهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ابْتِهَاجَاً بِزَوْرَةِ
وَ إِنْ قَرُبَتْ دَأرى فَعَامِيَ كُلُّهُ
رَبِيعُ اعْتِدَالٍ في رِياضٍ أريضَةِ
وَإنْ رَضِيَتْ عَنِّي فَعُمْرِيَ كُلُّهُ
زَمَانُ الصَّبَا طِيباً وَ عَصْرُ الشَّبِيْبَةِ
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين
ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
ينبغي أن يكون التوسّل بالإمام لأجل رفع الحجب الظاهريّة والباطنيّة
إنّ مجالس التوسّل بوليّ العصر ومحافله هي في غاية الحسن والجودة، بَيدَ أنّ التوسّل الذي يُقْصَدُ من ورائه الحقّ؛ والوصول إلى الحقّ؛ ورفع الحجب الظلمانيّة والنورانيّة؛ وكشف حقيقة الولاية والتوحيد؛ وحصول العرفان الإلهيّ والفناء في ذاته المقدّسة، هو التوسّل المرغوب والمحمود. و لذلك فإنّ انتظار الفرج حتى في عصر الأئمّة عليهم السلام أنفسهم كان يعتبر من أعظم الأعمال وأكثرها فضيلة.
إنّ التوسّل بحقيقة ولاية الإمام لكشف حجب الطريق من أفضل الأعمال؛ لأنّ توحيد الحقّ من أفضل الأعمال. كما أنّ انتظار الظهور الخارجيّ للإمام بوصفه مقدّماً على ظهوره الباطنيّ وكشف ولايته مفيد. وانتظار الظهور الخارجيّ محبوب ومحمود في ضوء ذلك.
وإذا كنّا نرمي إلى الظهور الخارجيّ وحده دون القصد إلى تلك الحقيقة ومحتواها، فقد بعنا الإمام بِثَمَنٍ بَخسٍ حينئذٍ؛ وبالتالى فنحن المتضرّرون كثيراً؛ لأنّ المراد والمقصود ليس التشرّف بحضوره الطبيعيّ؛ وإلّا فإنّ كثيراً من الناس كانوا يرون الأئمّة في عصورهم ويحضرون عندهم؛ ويتكلّمون معهم؛ بَيدَ أنهم كانوا لا خلاق لهم من حقيقتهم. ولو كنّا في مجالس التوسّل، أو عند الاختلاء بأنفسنا توّاقين إلى لقائه؛ ورزقنا الله ذلك، ولم تكن غايتنا لقاء الله وحقيقة الولاية، فإنّنا نتشرّف برؤيته على نفس النسق الذي كان الناس به يتشرّفون برؤية الأئمّة والحضور عندهم آنذاك. وإنه لغَبْن وضرر كبير أن نتشرّف بخدمته بعد الجدّ والجهد والكدّ والسعي، بينما ليس لدينا هدف أعلى وأسمى من اللقاء الظاهريّ ـ وهذا اللقاء في الحقيقة لرفع الشكّ والشبهة عن وجوده وطول عمره ـ أو أن نتوجّه إليه في قضاء حوائجنا المادّيّة ورفع ما يهمّنا من أمورنا الخاصّة أو العامّة؛ وهو أمر كان متيسّراً لجميع الناس الذين شهدوا عصر الأئمّة عليهم السلام بدون مشقّة التوسّل.
على أنّ الشيء القيّم حقّاً هو التشرّف بحقيقة الإمام وبلوغها، والشوق إلى لقائه من حيث آيتيّة الحقّ سبحانه وتعالى؛ وهذا هو المهمّ؛ وهو من أفضل الأعمال؛ ومثل هذا الانتظار للفرج يحيى القلوب وينعش النفوس و يطيّب الأرواح، رَزَقَنَا اللهُ وَ إيّاكُمْ إن شَاءَ اللهُ بِمحمّد وَ آلِهِ الطّاهِرِينَ.
ما هي القيمة من وراء العلم بزمن ظهوره الخارجيّ لنا؟ ولذلك فقد ورد في الأخبار النهي عن التفحّص والتجسّس في مثل هذه الأمور.
الهدف من الظهور هو تهذيب النفس
افرضوا أننا عرفنا زمن ظهوره عن طريق علم الجَفْر والرَمْل الصحيح، فماذا نفعل حينئذٍ؟ وما هو واجبنا؟ إنّ واجبنا هو تهذيب النفس الأمّارة وتزكيتها وإعدادها للقبول والتضحية والإيثار.
إنّنا مكلّفون بهذه الأمور دائماً؛ وما علينا إلّا أن نعيش أجواء تهذيب النفس وتزكيتها، وتطهير الضمير؛ سواء عرفنا وقت ظهوره أو لم نعرف ذلك؛ ولو أخلصنا نيّاتنا وتأهبّنا لذلك فسيحالفنا الحظّ والتوفيق بلقائه الحقيقيّ؛ ولو لم نكن كذلك، فإنّنا لن نقطف شيئاً ذا بال من وراء لقاء جسمه العنصريّ والمادّيّ؛ ولا نحصل على نتيجة من هذا اللقاء.
ولذلك نرى كثيراً من الأشخاص الذين أقاموا في مسجد السَهْلَةَ أو في مسجد الكوفة أو في غيرهما من الأماكن المقدّسة أربعينيّات متعدّدة لزيارة الإمام وظفروا بذلك، إلّا أنهم لم يحصلوا على شيء مهمّ من تلك الزيارة.
وما ينبغي ذكره أكثر من غيره هو أنّ الظهور الخارجيّ والعامّ لم يقع للإمام بعد؛ ومرتبط بأسباب وعلامات لا بدّ من تحقّقها؛ إلّا أنّ الظهور الخاصّ والباطنيّ ممكن للبعض؛ وبكلمة بديلة: إنّ سبيل الوصول إلى الإمام والتشرّف بخدمته مفتوح للجميع، غاية الأمر أنه يحتاج إلى تهذيب الأخلاق وتزكية النفس.
وكلّ من نوى لقاء الله هذا اليوم، وجاهد نفسه لهذا الهدف، فيسحظى بظهور الإمام الشخصيّ والباطنيّ دون أدنى شكّ، ذلك لأنّ لقاء الحقّ لا يتحقّق بدون اللقاء الآيتيّ والمرآتيّ للإمام.
اللقاء الواقعيّ لإمام الزمان أرواحنا له الفداء
وَ مُحَصَّلُ الْكَلَامِ هو: أنّ طريق التشرّف بحقيقة ولاية الإمام مفتوح؛ وهذا هو المهمّ؛ إلّا أنه يحتاج إلى مجاهدة النفس الأمّارة وتزكية الأخلاق وتطهير الباطن؛ وكذلك يحتاج إلى السير والسلوك في طريق عرفان الحقّ سبحانه وتعالى وتوحيده؛ سواء تحقّق الظهور الخارجيّ والعامّ للإمام عاجلًا أو لم يتحقّق.
وذلك لأنّ الله جلّ شأنه غير ظالم؛ ولا يمنع فيضه؛ ولم يوصد طريق الوصول أمام المشتاقين التوّاقين.
هذا الباب مفتوح دائماً؛ ويرحّب بدعوة المحبّين والمشتاقين والعاشقين ملبيّاً لها.
فما على عشّاق الجمال الإلهيّ والمشتاقين إلى لقائه جَلَّ وَعَلَا إلّا أن يجدّوا في طريق سير عرفانه وسلوكه بخطى ثابتة وطيدة: ويوصلوا أنفسهم إلى النقطة المنشودة بالتهذيب والتزكية، والمراقبة الشديدة، والاهتمام بالواجبات الإلهيّة، والتكاليف السبحانيّة، وحينئذٍ ـ شاء الإنسان أم أبى ـ فإنّهم سيحبرون بالطلعة المنيرة لإمام الزمان وقطب دائرة الإمكان الذي يمثّل وسيلة الفيض وواسطة الرحمة الرحمانيّة والرحيميّة للحقّ.
ويتمتّعون بكلّ السبل المفيدة لتكميل نفوسهم؛ ويستثمرون جميع الاستعدادات الفطريّة من أجل التطبيق العمليّ لها بغية الوصول إلى نقطة الكمال.
وَفَّقَنَا الله تعالى وَ إيَّاكُم بِمَحَمَّدٍ وَ آلِهِ صَلَّى اللهُ على مُحَمَّدٍ وَآلِهِ.
وينبغي هنا أن نأخذ بعين الاعتبار ثلاث نقاط: الأولى: أنّ غيبة الإمام هي من جانبنا لا من جانبه. أي: أننا حرمنا أنفسنا من زيارته بسبب ذنوبنا وأنانيّاتنا وتوجّهاتنا الاستكباريّة، لا أنه هجر نفسه وأخفاها عنّا، وبعبارة أخرى، هو غائب عنّا، ونحن غير غائبين عنه.
الثانية: أنّ قدرة الإمام وعلمه وإحاطته وسيطرته على الأمور.. كلّ ذلك لا يتوقّف على عصر الظهور بحيث نتصوّر أنها ليست له قبل الظهور، وإذا ما ظهر فسوف تكون له. بل هو في الحالين يتمتّع بالهيمنة والسيطرة والإحاطة التكوينيّة، وهي كلّها ملازمة لولايته الكلّيّة؛ إلّا أنّ هذا الأمر محجوب عن أنظار الناس، وعن إدراك العقول والنفوس قبل الظهور، وسيتجلّى بعد الظهور.
الثالثة: أنّ القدرة العمليّة للإمام وسعته العلميّة وإحاطته التكوينيّة بالأمور لا تنحصر في أعمال الخير والبرّ والإحسان التي نراها خيراً؛ بل هي الهيمنة والسَيْطَرة على جميع الأمور؛ خيرها وشرّها، وبشكل عامّ على كلّ عمل، وكلّ فعل، وكلّ موجود من الموجودات؛ لأنّ العالم كلّه خيرات على أساس النظام الكلّيّ لعالم التكوين، ولا شرّ فيه أبداً، والشرّ أمر عَدَميّ ليس من الله، وليس من وليّه؛ والشَّرُّ لَيْسَ إليك.
إذَا سَفَرَتْ في يَومِ عِيدٍ تَزَاحَمَتْ
على حُسنِهَا أبْصَارُ كُلِّ قَبِيلَةِ
فَأرْوَاحُهُمْ تَصْبُو لِمَعْنَى جَمَالِها
وَأحْدَاقُهُمْ مِنْ حُسْنِهَا في حَدِيقَةِ
وَ عِنْدِيَ عِيدِي كُلُّ يَوْمٍ أرى بِهِ
جَمَالَ مُحَيَّاهَا بِعَيْنٍ قَرِيرَةِ
وَ كُلُّ اللَّيالى لَيْلَةُ الْقَدْرِ إنْ دَنْتَ
كَمَا كُلُ أيَّامِ اللِّقَا يَوْمُ جُمْعَةِ
وَسَعْيِي لَهَا حَجٌّ بِهِ كُلُّ وَقْفَةٍ
على بَابِهَا قَدْ عَادَلَتْ كُلَّ وَقْفَةِ
وَ أيّ بِلَادِ اللهِ حَلَّتْ بِهَا فمَا
أرَاهَا، وَ في عَيْنِي حَلَتْ، غَيْرَ مَكَّةِ
وَ أيّ مَكَانٍ ضَمَّهَا حَرَمٌ كَذَا
أرى كُلَّ دَارٍ أوطَنَتْ دَارَ هِجْرَةِ
وَ مَا سَكَنَتْهُ فَهْوَ بَيْتٌ مُقَدَّسٌ
بِقُرَّةِ عَيْنِي فِيهِ أحْشَاي قَرَّتِ
وَ مَسْجِدِيَ الأقْصَى مَسَاحِبُ بُرْدِهَا
وَ طِيبي ثَرَى أرْضٍ عَلَيْهَا تَمَشَّتِ
نَهَارى أصِيلٌ كُلُّهُ إنْ تَنَسَّمَتْ
أوَائِيلُهُ مِنْهَا بِرَدِّ تَحِيَّتي
وَ لَيْلِيَ فِيهَا كُلُّهُ سَحَرٌ إذَا
سَرَى لِيَ مِنْهَا فِيهِ عَرْفُ نُسَيْمَةِ
وَإنْ طَرَقَتْ لَيْلًا فَشَهرِيَ كُلُّهُ
بِهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ابْتِهَاجَاً بِزَوْرَةِ
وَ إِنْ قَرُبَتْ دَأرى فَعَامِيَ كُلُّهُ
رَبِيعُ اعْتِدَالٍ في رِياضٍ أريضَةِ
وَإنْ رَضِيَتْ عَنِّي فَعُمْرِيَ كُلُّهُ
زَمَانُ الصَّبَا طِيباً وَ عَصْرُ الشَّبِيْبَةِ