بسمه تعالى
اللهمّ صلِّ على محمّد وآلِ محمّد وعجِّل فرجهم وألعن اعدائهم
السلام عليكم
إن من الموضوعات الإعتقادية، والتي وقع حولها كثير من الخلاف بين فرق المسلمين، التعامل الصحيح مع النبي (ص) عندما يراد جعله شفيعا ووسيلة ووسيطا لقضاء الحوائج.. وهل يصح أن ننادي النبي (ص) في طلب الحوائج؟.. وهكذا الكلام طبعا في آله، الذين هم استمرار لخط النبي المصطفى -صلى الله عليه وآله- .
في الواقع علينا أن نفهم هذه القواعد لنخرج بفائدة متكاملة:
نحن نعلم أنه لا مؤثر في الوجود إلا الله عز وجل، والنبي (ص) عندما أعلن دعوته في مكة، كان شعاره: (قولوا: لا إله إلا الله، تفلحوا)!.. هذه هي العبارة التي نقلت عن المصطفى (ص) قبل أن ينقل تشريعات الصلاة والصيام والحج الزكاة.. وإذا كان المراد هو التهليل اللفظي، فمن الواضح أن اللفظ لا يؤثر في الواقع.. والفلاح قضية خارجية، وأمر حقيقي.. والأمر الحقيقي، يحتاج إلى تهليل حقيقي.. نعم، عندما تأتي الرواية وتقول: (من قال: لا إله إلا الله، بنى الله له بيتا في الجنة).. قد يقول قائل: بأن التلفظ يكفي لأجل أخذ الأجر، ولكن الفوز والفلاح والعاقبة الحميدة؛ فإنه يحتاج إلى العمل بمضمون كلمة لا إله الله.. لذلك إمامنا الرضا (عليه السلام) عندما أراد أن يتكلم حول كلمة التوحيد، قال: (لا إله الله حصني) -نقلا عن رب العالمين- (فمن دخل حصني أمن عذابي).. فإذن، هذا المعنى واضح، وهو أن النبي وأئمة أهل البيت (ع) هم أوائل الخلق في ترسيخ هذا المفهوم، ولا كلام في ذلك أبدا.
وعندما يكون الإنسان بهذه النفسية، وبهذه الرؤية الكونية، وبهذا الاعتقاد القلبي.. ويقول: يا رسول الله!.. سل الله تعالى قضاء حاجتي.. فمن الواضح أنه يجعل النبي وآل النبي وسطاء لأجل قضاء هذه الحاجة.. وما المانع؟.. بل هو بمقتضى العقل!.. فالوجيه في كل أمة يقدَّم للكلام مع ذلك الطرف، الذي أعطاه هذه الوجاهة.. والذين ينكرون هذه المعاني، فإنهم في حياتهم اليومية يستغيثون بكل أحد!.. فالمريض يستغيث بالطبيب، والإنسان يستغيث بأبيه وأمه، وندما يبتلى ببلية يذهب إلى بيت فلان وإلى دار فلان، ويستغيث بالناس، وينادي المسلمين.. فهل مناداة المسلمين هذه استغاثة بغير الله عز وجل؟.. وقد نقل في التاريخ أنه في بعض الحروب، عندما كان يحيط الكفار بالنبي (ص) من كل صوب، فكان ينادي عليا، ويطلب منه أن يذب عنه شر المشركين، حتى يأتي النداء من رب العالمين، أو عن طريق جبرائيل: إنها لهي المواساة!..
نحن في حياتنا اليومية نلتجأ إلى البشر، فالجميع قاطبة، ومن كل الأديان، ومن جميع المذاهب والملل، لا ينكرون الرجوع للغير، وإلى المتخصص في كل مجال.. فما المانع أن يطلب الإنسان من أولياء الله عز وجل ذلك!.. وإن قلت: بأنه هناك فرق بين الحي والميت، فأنا أستغيث بأبي وأمي، وبالطبيب المعالج، وبمن ينقذني من الغرق، لأنه يسمع كلامي، وأما النبي فهو لا يسمع ما أقول.. فإن هذا الكلام رده القرآن الكريم، بآية معروفة بالنسبة للشهداء، فالقرآن الكريم يؤكد على هذا المفهوم: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}.. والشهيد هو الذي مات في سبيل الدفاع عن الدعوة المحمدية.. فكيف بنبي الشهداء، وبإمام الشهداء، لا يرزق؟.. وكما هو معلوم أن من لوازم الحياة السمع والبصر، فالنبي (ص) عندما دفن أو ألقى قتلى بدر المشركين في القليب، أخذ يكلمهم وقال: فو الله ما أنت بأسمع منهم!.. إذا كان المشرك يسمع كلام النبي، فكيف بنبي الرحمة (ص)؟..
وعليه، فبعد أن اعتقدنا بحياتهم وبوجاهتهم، وأنه لا مؤثر في الوجود إلا الله تعالى، وأن الحوائج ترفع إلى رب العالمين أولا وأخيرا.. فلا ينبغي أن نستوحش من اختلاف صيغ التعبير .
وعليه فهناك ثلاث صيغ لقضاء الحاجة، وهي صيغ كلية :
فما هي هذه الصيغ ؟؟!
نستعرضها وإيّاكم في الحلقة ال2
دمتم في أمان الله والسلام عليكم