بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمدُ لله ربِّ العالمين
اللهمّ صلِّ على محمّد النبيِّ المصطفى وآله الأطهار الميامين واللعن الدائم على أعدائهم إلى قيام يوم الدين.
۩ القيمة المعنويّة للرجل والمرأة ۩
القرآن يساوي بين الرجل والمرأة عند الله ، وفي مسألة الوصول إلى الدرجات المعنويّة ولا يفرّق بينهما بسبب اختلافهما في الجنس ، ولا يعتبر الفروق العضويّة وما يلحقها من الفروق في المسؤوليّات الاجتماعيّة دليلاً على اختلافهما في إمكانيّة الحصول على درجات التكامل الإنساني وبلوغهما للمقامات المعنويّة الرفيعة ، بل يعتبرها في مستوى واحد من هذه الجهة ولذلك ذكرهما معاً .
الآيات القرآنيّة نزلت في عصر كان المجتمع البشري فيه يشك في إنسانيّة جنس المرأة أساساً ، بل ويعتقد أنّها كائنٌ ملعون ، وأنّها منبع كل إثم وانحراف وموت وفساد .
لقد كان الكثير من الشعوب الماضية تذهب في نظرتها السلبيّة تجاه المرأة إلى درجة أنها تعتقد أحياناً إنّ عبادة المرأة وما تقدّمه في سبيل الله لا تُقبل ، وكان الكثير من اليونانيين يعتقدون أنّ المرأة كائن نجس وشرير وأنّها من عمل الشيطان ، وكان الروم وبعض اليونانيين يعتقدون أنّ المرأة ليست ذات روح إنسانيّة أساساً وأنّ الرجل وحده هو الذي يحمل بين جنبيه مثل هذه الروح دون غيره .
والملفت للنظر أنّ العلماء المسيحيين في أسبانيا كانوا يبحثون – حتّى إلى الآونة الأخيرة - في أنّ المرأة هل تملك مثل الرجل روحاً إنسانيّة ؟! أم لا ؟! وانّ روحها هل تخلد بعد الموت أم لا ؟
وقد توصّلوا بعد مداولات طويلة إلى أنّ المرأة روحاً برزخيّة وهي نوع متوسّط بين الروح الإنسانيّة والروح الحيوانيّة وانّه ليس هناك روح خالدة بين أرواح النساء إلّا روح مريم .
من هنا يتضح مدى ابتعاد بعض المغفلين عن الحقيقة حيث يتهمون الإسلام أنّه دين الرجال دون النساء .
إن بعض الاختلافات في نوع المسؤوليات الاجتماعيّة الذي يقتضيه اختلافات في التركيب العضوي والعاطفي لدى الرجل والمرأة لا يضر بالمرأة وقيمتها المعنويّة أساساً ، ولهذا لا يختلف الرجل والمرأة من هذه الجهة ، فأبواب السعادة والتكامل الإنساني مفتوحة في وجهيهما على السواء .
ترقّبوا الموضوع الرابع من هذه السلسلة تحت عنوان " فلسفة الحجاب "
لكم مودّتي تحيّاتي والسلام عليكم ..
تفسير الأمثل : ج3 / ص 55 – 57