قرِحَتْ جُفُونُكَ مِنْ قَذًى وسُهادِ إِنْ لَمْ تَفِضْ لِمُصِيبَةِ السَّجَّادِ
فَأَسِلْ فُؤادَكَ مِنْ جُفُونِكَ أَدْمُعاً واقْدَحْ حَشاكَ مِنَ الأَسَى بِزِنادِ
وانْدُبْ إِماماً طاهِراً هُوَ سَيِّدٌ لِلسَّاجِدِينَ وزِينَةُ العُبَّادِ
ما أَبْقَتِ البَلْوَى ضَنًى مِنْ جِسْمِهِ وَهُوَ العَلِيلُ سِوَى خَيالٍ بادِي
لَهْفِي عَلَيْهِ يَئِنُّ في أَغْلالِهِ بَيْنَ العِدَى ويُقادُ بِالأَصْفادِ
مُضْنىً وجامِعَةُ الحَدِيدِ بِنَحْرِهِ غُلٌّ يُعاني مِنْهُ شَرَّ قِيادِ
تَحْدُو بهِ الأَضْعانُ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ وتُسْلِمُهُ إِلَى الأَحْقادِ
والشَّامُ إِنَّ الشَّامَ أَفْنَى قَلْبَهُ أَلمَاً وآلَ بِصَبْرِهِ لِنفَادِ
لَمْ يَلْقَ فِيهِ سِوَى القَطِيعَةِ والعِدَى وشَماتَةِ الأَعْداءِ والحُسَّادِ
سَلْ عَنْهُ طَيْبَةَ هَلْ بها طَابَتْ لَهُ بَعْدَ الحُسَيْنِ نَواظِرٌ بِرُقادِ
هَلْ ذاقَ طَعْمَ الزَّادِ طُولَ حَياتِهِ إلَّا ويَمْزُجُ دَمْعَهُ بِالزَّادِ
(كان السجاد إذا أخذ إناءً يشرب ماءً بكى، حتّى يملأها دمعاً، فقيل
له في ذلك فقال: وكيف لا أبكي؟ وقد منع أبي من الماء، الذي كان مطلقاً للسباع والوحوش.
وقيل له: إنّك لتبكي دهرك، فلو قتلت نفسك لما زدت على هذا، فقال: نفسي قتلتها، وعليها أبكي.)