إن عدم تفهم مسألة الزواج و التغافل عن الحقوق الزوجية و إهمال الممارسات ، التي كان ينبغي العمل بها تؤدي إلى زيجات فاشلة . و انطلاقاً مما ورد في القرآن الكريم من إشارات و ما ورد في الأحاديث و الروايات ، فإن مقومات الحياة الزوجية هي كما يلي :
1 ـ المودّة و الصفاء :
ينبغي أن تسود الحياة الزوجية علاقات المودّة و المحبة و الصفاء ، فإن الحياة الخالية من الحب لا معنى لها ، كما أن ارتباط الزوجين ، الذي يؤدي إلى ظهور جيل جديد يجعلهما في موضع المسؤولية المشتركة .
و المودة من وجهة قرآنية ، هي الحب الخالص لاذلك الحب الذي يطفو على السطح كالزبد . الحب المنشود ، هو الحب الذي يضرب بجذوره في الأعماق . و على هذا فإن الأسرة التي تتوفر فيها هكذا مواصفات ، سوف يشملها الله بعطفه و رضوانه . ينبغي أن يكون الزوجان صديقين حميمين ، يتقاسمان حلاوة الحياة و مرارتها ، و أن يحلاّ مشكلاتها في جو هادىء ، يبث أحدهما همه للآخر و يودعه أسراره . و إن الحياة الزوجية التي تفتقد هذا المستوى من الثقة المتبادلة ، هي في الواقع محرومة من رحمة الله .
2 ـ التعاون :
إن أساس الحياة الزوجية ، يقوم على التعاون و مساعدة كل من الزوجين للآخر في جوٍّ من الدعم المتبادل ، و بذل أقصى الجهود في حل المشاكل ، و تقديم الخدمات المطلوبة . صحيح أن للزوج وظيفته المحددة ، و للزوجة هي الآخرى وظيفتها المحددة ، ولكن الصداقة و المحبة ، يلغي هذا التقسيم ، و يجعل كلاً منهما نصيراً للآخر و عوناً ، و هذا ما يضفي على الحياة جمالاً و حلاوة ، إذ ليس من الإنسانية أبداً أن تجلس المرأة قرب الموقد ، و تنعم بالدفء في حين يكافح زوجها وسط الثلوج أو بالعكس ، بذريعة أن لكل منهما وظيفته !.
3 ـ التفاهم :
تحتاج الحياة المشتركة إلى التفاهم و التوافق ، فبالرغم من رغبة أحد الطرفين في الآخر ، إلا إن ذلك لا يلغي وجود أذواق مختلفة و سلوك متباين ، و ليس من المنطق أبداً أن يحاول أحدهما إلغاء الآخر في هذا المضمار ، بل إن الطبيعي إرساء نوع من التوافق و التفاهم ، حيث تقتضي الضرورة ، أن يتنازل كل طرف عن بعض آرائه و نظرياته لصالح الطرف الآخر في محاولة لردم الهوّة ، التي تفصل بينهما ، و مدّ الجسور المشتركة على أساس من الحب ، الذي يقضي بإجراء كهذا ، و أن لايبدي أي طرف تعصباً في ذلك ما دام الأمر في دائرة الشرعية التي يحددها الدين .
4 ـ السعي نحو الاتحاد :
الحياة تشبه إلى حد بعيد مرآة صافية ، فوجود أقل غبار يشوّه الرؤية فيها ، ولذا ينبغي السعي دائماً لحفظها جلية صافية .
إنّ الحياة المشتركة تحتاج إلى التآلف و الاتحاد ، و لذا فإن على الزوجين أن يتحدّا فكرياً ، و أن ينعدم ضمير الأنا تماماً في الجو الأسري ، و يجب أن يكون القرار مشتركاً ، و أن يدعم كل منهما رأي الآخر . أما المسائل التي تبرز فيها وجهات النظر المختلفة ، فإن أفضل حل لها هو السكوت و المداراة إلى أن يتوصل الطرفان إلى حل مشترك ، آخذين بنظر الاعتبار أن النزاع سيوجه ضربة عنيفة لهما و لأطفالهما .
5 ـ رعاية الحقوق :
و أخيراً ، فإن الحد الأدنى في الحياة الزوجية ، هو رعاية كل طرف لحقوق الطرف الآخر و احترامها . و من المؤكد أن أقصى ما وصلت إليه مختلف المذاهب و العقائد في حقوق الزوجية موجود في النظام الإسلامي