كتب شارل أيوب في مقاله :
لدينا سؤال للرئيس نجيب ميقاتي والسيد حسن نصرالله والعماد عون وهم لهم الدور الاوّل في تشكيل الحكومة، هل فعلاً تريدون تشكيل حكومة جديدة ام انكم لا ترغبون بتشكيلها في الظرف الراهن لأن التوقيت غير مناسب لأسباب لا نعرفها؟
مضت فترة طويلة ليست قصيرة منذ تكليف الرئيس ميقاتي بتشكيل الحكومة وحتى الآن والظروف مناسبة لتشكيل حكومة، ذلك ان اكثرية جديدة نشأت من 68 نائباً والقواسم المشتركة بين الاكثرية الجديدة موحّدة بالنسبة للمقاومة وبالنسبة للمحكمة الدولية وبالنسبة لشؤون سياسية عديدة، وساهم في تشكيل الأكثرية الجديدة النائب وليد جنبلاط بكتلته التي تناقصت من 11 نائبا الى 7نواب، فتشكّلت الاكثرية الجديدة وتكلّف الرئيس ميقاتي. تشكيل الحكومة لم يكن بالأمر اليسير، لم يكن عادياً ان يخرج جنبلاط من 14آذار وان يقبل بإسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري وان يتخلّى عن ترشيح الرئيس الحريري، كان ذلك امراً صعباً على الوزير جنبلاط بمقدار ما كانت الصعوبة كبيرة ان تتمّ المصالحة بين الحزب التقدمي الإشتراكي بقيادة جنبلاط مع حزب الله ومع سوريا. بالنتيجة تغيّرت نتائج الإنتخابات النيابية جذرياً، فبعدما كانت الأكثرية بقيادة تيار المستقبل اصبحت الأكثرية النيابية الجديدة بقيادة حزب الله، ولذلك، وفي ظلّ هذه الإعتبارات وببساطة الأمور ووضوحها، اعتقدنا ان تشكيل الحكومة لن يأخذ اكثر من اسبوعين كحدّ اقصى وعلى الأثر تتشكّل الحكومة، لكن نحن نقترب من نهاية الثلاثة اشهر والحكومة لم تتشكّل، ولذلك نوجّه السؤال الى الرئيس ميقاتي والسيد حسن نصرالله والعماد ميشال عون، هل فعلاً تريدون تشكيل الحكومة أم لا؟ ربما تكون هنالك أسباب عربية اقليمية خاصة كالصراعات الإقليمية بين السعودية وإيران، وخاصة انعكاسات تغيير الرئيس حسني مبارك في مصر قد ادّت الى تجميد تشكيل الحكومة، ولذلك فمن واجب الاكثرية الجديدة ان توضح لجمهورها انها تتريّث بتشكيل الحكومة الجديدة لأسباب اساسية وتعمل في ظلّ حكومة تصريف اعمال على الحدّ الأدنى من تسيير شؤون الناس المعيشيّة والحياتيّة.
هكذا نرى الأمور ببساطتها من دون اختلاق نوايا سيّئة او التفكير بمؤامرات وغيرها، لكن الذي لا نفهمه ان تتحوّل الاكثرية الجديدة الى كتلة خلافية داخلية خاصة بين الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي والعماد عون. ففي فترة تشكيل الحكومة السابقة برئاسة سعد الحريري كان هنالك مشكلة هي توزير جبران باسيل في وزارة الاتصالات، أو على اساس عدم توزيره لأنه نائب راسب، وتمّ حلّ هذه العقدة بتوزير جبران باسيل مع توزير بطرس حرب وتشكّلت الحكومة. اما اليوم فلا نعتقد ان مشكلة توزير جبران باسيل هي العقدة بل نعتبر ان هنالك اشارات حقيقية لخلاف بين رئيس الجمهورية والعماد عون، وهل فعلاً وزارة الداخلية يمكن ان تكون هي العقدة الحقيقيّة ام أنّه لو اراد حزب الله وضع ثقله لتشكيل الحكومة كان بإمكانه التوسّط بين الرئيس سليمان والعماد عون على المجيء بوزير داخلية يرضى عنه رئيس الجمهورية والعماد عون معاً. من أجل مصداقية الاكثرية الجديدة، من أجل تبرير اسقاط الحكومة السابقة عبر استقالة 11وزيراً، من أجل تبرير كل ما حصل لتكوين الاكثرية الجديدة، المطلوب أن تقدم الاكثرية الجديدة على تشكيل حكومة دون ابطاء او تأخير، اذ لا يجوز ابقاء البلاد دون حكومة طالما ان هنالك تكتّلاً نيابياً يصل عدده الى 68 نائباً وهو قادر على منح الثقة لحكومة جديدة وباستطاعة قادة هذا التكتّل ايجاد حلول للحقائب واسماء الوزراء من خلال التنسيق القائم بين قادة تكتّل الأكثرية الجديدة.
فعلاً ليس لدينا جواب نقتنع به عن اسباب تأخير تشكيل الحكومة، ومن حقّنا خاصة على السيد حسن نصرالله، لحجم المسؤولية التي يتحمّلها كقائد للمقاومة، ومن خلال صراحته وقراراته الحاسمة التي ظهرت في مناسبات استثنائية وتاريخية، ان يعلن او يقرّر مع حلفائه في الاكثرية الجديدة ابلاغنا كجمهور لبناني له الحقّ في معرفة ما اذا كان القرار الفعلي هو عدم تشكيل الحكومة لان أمور الناس مرتبطة بهذا التشكيل، فهنالك من يريد الإقامة في لبنان والمباشرة بمشروع صغير او كبير، وهنالك شبان وشابات يريدون معرفة ما اذا عليهم البقاء في لبنان للعمل فيه بعد تشكيل الحكومة وانفراج الأوضاع او السفر الى الخارج للعمل خاصة في دول الخليج، كما ان آلاف المعاملات جامدة في الوزارات لا يوقّع عليها الوزراء وهي تشلّ حركة اعمال المواطنين ومصالحهم. من هنا تقع مسؤولية على الأكثرية الجديدة بأن تقرّر بشكل حاسم ونهائي اخذ القرار بشأن تشكيل الحكومة او الإعلان عن انها تريد تأخير التشكيل لأسباب خارجية اقليمية، او ان تعلن الأكثرية الجديدة عن عدم قدرتها على تشكيل حكومة.
الناس تسأل ماذا تفعل؟ كيف تتصرّف؟ ماذا تقرّر؟ خاصة وان قسماً كبيراً من الناس سلّم امره للأكثرية الجديدة واعطاها ثقته وله الحقّ كمردود لهذه الثقة ان يعرف مجريات الأمور لأن ما يجري ليس طبيعياً. فما الذي يبرّر الخلاف القائم الحادّ بين الرئيس ميقاتي والعماد عون واحدهما رئيس مكلّف لتشكيل الحكومة والعماد عون رئيس اكبر تكتل نيابي في الأكثرية الجديدة، فكيف يمكن التفاؤل بتشكيل الحكومة او كيفية عملها طالما ان الأمور اصبحت بهذا الشكل، خاصة توجيه الإتهامات من العماد عون للرئيس ميقاتي، وفي ذات الوقت عدم وضوح الرئيس ميقاتي بشأن تحديد الحقائب والأسماء؟ على ما نسمع ونعرف حتى الآن، اكثر مما نقول، عن أمور نحن متأكدون منها لإننا فعلا لا نملك المعطيات الحقيقيّة للمحادثات بين الرئيس ميقاتي والعماد عون بشأن تشكيل الحكومة.
إنما نعود الى أمر أساسي، وهو انه ايّ خطر على لبنان انما يستهدف فعلاً الشعب اللبناني لكنه يستهدف فعلياً المقاومة، والسيد حسن نصرالله، كقائد للمقاومة وامين عام لحزب الله وله الدور الاساسي في اطار الاكثرية الجديدة، مطالب بإيضاح الأمور للناس، ونحن نعرف صراحته وصدقه وحبّه للناس ووضوحه في العمل القومي او الوطني او السياسي ومن هنا نضع بين يديه قضية تشكيل الحكومة والسؤال: هل ستتألف الحكومة؟ هل يريد تشكيل الحكومة؟ هل وضع كل ثقله لإزالة العقبات امام تشكيل الحكومة؟ ام انّ هنالك اسباباً مخفية غير ظاهرة تفرض التأخير، والجواب هو لدى السيد حسن نصرالله والثقة كبيرة فيه كي نحصل على جواب منه او من مسؤول في حزب الله يعلن موقف المقاومة من هذه المسألة الهامّة جداً وهي تشكيل الحكومة لتسيير شؤون البلاد وشؤون الناس وإعادة عمل المؤسسات بدل بقائها مشلولة.
شارل أيوب