بسم اللهِ وبالله والصلاةُ والسلام على رسوله وآله أجمعين ...
تولّي أمر الحكومة في حدِّ ذاته ليس مرتبةً ومُقاماً , وإنّما مجرّد وسيلة للقيام بوظيفةِ تطبيق الأحكام , واقامة نظام الإسلام العادل , يقول أمير المؤمنين (ع) لابن عبّاس عن نفس الحكومة : " ما قيمة هذا النعل ؟ فقال ابن عبّاس : لا قيمة لها , فقال (ع) : " والله لهي أحبُّ إلي من امرتكم , إلّا أن أقيم حقّاً ( أي أقيم قانون الإسلام ونظامه ) أو أدفع باطلاً ( أي القوانين والانظمة الجائرة والمحرّمة ) " إذأً فنفس الحاكميّة والإمارة مجرّد وسيلة ليس إلّا . وهذه الوسيلة إذا لم تؤدّي إلى عمل الخير وتحقيق الأهداف الساميّة , فهي لا تساوي شيئاً عند أهل الله . ولذا يقول (ع) في خُطبةِ نهج البلاغة " لولا حُضور الحاضر , وقيام الحُجّة بوجود الناصر .. لألقيتُ حبلها على غاربها " ( أي لتركتُ تلك الحكومة والإمارة ) وذلك بديهي , فتولّي الحكومة هو مجرّد تحصيل وسيلة وليس مقاماً معنويّاً , إذ لو كان مقاماً معنويّاً لما تمكّن أحد من غصبه أو التخلّي عنه , فبمقدار ما تكون الحكومة والإمارة وسيلة لتطبيق الأحكام الإلهيّة واقامة النظام العادل للإسلام , بمقدار ما تكون ذات قدر وقيمة , ويكون المتولّي لها جليل القدر .
بعض الناس هيمنت عليهم الدنيا , فهم يتوهمون أنّ الرئاسة والحكومة بحد ذاتها شأن ومرتبة بالنسبة للأئمّة عليهم السلام , بنحو لو ثبتت لغيرهم فكأنّما الدنيا قد خرُبت .
مع إنّ رئيس وزراء الإتحاد السوفياتي أو انكلترا أو رئيس جمهوريّة امريكا عندهم حكومات ورئاسة لكنهم كفرة , لكنّهم يملكون السلطة والنفوذ السياسي , وهذه السلطة والنفوذ السياسي يجعلونه وسيلةً لتحقيق طموحاتهم من خلال تطبيق القوانين والسياسات المعادية للإنسانيّة .
الأئمّة والفقهاء العدول مكلفون بالإستفادةِ من النظام والتشكيلاتِ الحكوميّة من أجلِ تنفيذ الأحكامِ الإلهيّة , وإقامةِ النظامِ الإسلاميِّ العادل , والقيامِ بخدمة الناس الحكومة بحدِّ ذاتها بالنسبةِ لهم لا تعني سوى المشقّة والتعب . لكن ما العمل ؟ إنّهم مأمورون بالقيام بالوظيفة , فمسألة " ولايةِ الفقيه " هي مسألة تنفيذ مهمّة والعمل بالتكليف ..
أسألكم الدعاء تحيّة وتقدير والسلام عليكم ...