بسم الله الرحمان الرحيم ، اللهمّ صلي على محمّد وآلِ محمّد .
بعد ان تحوّلت الاكثرية النيابية الى اقلية، والموالاة السابقة الى معارضة، فإن مشهداً سياسياً، تغير في لبنان، من خلال اللعبة الديموقراطية البرلمانية، وان كانت شابتها تحركات على الارض قادها «تيار المستقبل» حصلت خلالها تعديات وتجاوزات، شوّهت ما كان اعلنه رئيس التيار، سعد الحريري، من انه لن يحتكم الى الشارع، بل الدستور والى المؤسسات الدستورية، وهذا ما لم يترجم، كما وعد في ندائه الى اللبنانيين، قبل الاستشارات النيابية، التي ربما كان يضمن انه سيحصل على اكثرية فيها في مواجهة مرشح المعارضة الرئيس عمر كرامي، قبل ان تطل مفاجأة ترشح الرئيس نجيب ميقاتي، الذي قلب المعادلة الحسابية، بعد ان كان النائب وليد جنبلاط ضمن سبعة نواب لمرشح المعارضة، التي كانت ستؤمن فورا لمرشحها كرامي بـ 65 نائبا، الا ان اسم الرئيس ميقاتي، يكسبها ثلاثة اصوات، كما تقدم وجها وسطيا معتدلا، وحليفا «لتيار المستقبل» ولا يشكل استفزازا وتحديا لرئيسه، وقد نجحت المعارضة في دعمها لميقاتي، الذي جاءها هدية، اذ لديه حضور في طائفته السنية، وعلاقات عربية ودولية، وتقاطع سوري - سعودي، وعدم ازعاج لقوى دولية، وتحديدا فرنسا واميركا.
فبعد صدور مرسوم تكليف الرئيس ميقاتي تشكيل الحكومة، صدر نداء من الرئيس الحريري، طلب من اعضاء تياره السياسي وانصاره وحلفائه، وقف التحرك في الشارع الذي ذهب الى الاعتداء على الاعلاميين، وحرق مكتب الوزير محمد الصفدي، والتعدي على املاك عامة وخاصة، مما دفع بالرئيس السابق للحكومة، الى ابداء اسفه من خروج «يوم الغضب» عن سلميته وديموقراطيته، الى حالات شاذة، اعطت صورة مشوهة وسلبية عن التيار الذي قدم نفسه الى اللبنانيين، انه تيار ديموقراطي علماني ولا يلجأ الى العنف والشغب، واذ به يمارس بعكس شعاراته، اذ طغى الخطاب المذهبي، الذي تنبه له الحريري واعترف به في كلمته التي دعا فيها الى الابتعاد عن اللغة التحريضية المذهبية.
اما كيف ستكون ممارسة الحريري بعد خروجه من السلطة؟
يؤكد مقربون من رئيس «تيار المستقبل» انه سيقود معارضة، كما فعل والده، بعد اخراجه من رئاسة الحكومة مطلع عهد الرئيس اميل لحود في نهاية 1998، الذي لم يشارك في حكومة ترأسها الرئيس سليم الحص، وان نجله سيسلك النهج ذاته، في عدم المشاركة في حكومة ميقاتي، هو وحلفائه في 14 آذار، وهو عمل ديموقراطي، وبأساليب مختلفة، ولن يتم السكوت عن ما حصل، من تغييب لكتلة نيابية، تمثل ثلث مجلس النواب، كما ان الحريري يمثل نحو 75% من الطائفة السنية.
فالمعارضة الجديدة، بقيادة «تيار المستقبل» امام خيارات سياسية، وفق ما يقول المقربون من الحريري، وان المعركة التي ستخوضها، هي تصحيح الخلل الدستوري والسياسي والشعبي، في هيكلية النظام، بعد ان تم سلب الطائفة السنية حقوقها، وعدم وجود ممثلها الحقيقي في السلطة شريكا وهو الاسلوب الذي لجأت اليه قوى المعارضة السابقة عندما اقامت اعتصاما في ساحة رياض الصلح، واقفلت مجلس النواب، تحت عنوان ان حكومة الرئيس فؤاد السنيورة التي كان لها ممثلين فيها، من خلال وزراء حركة «امل» و«حزب الله» واستقالوا وبدأوا ينادون ان الحكومة غير ميثاقية، ولا تمثل العيش المشترك، وتناقض مقدمة الدستور، وهو ما سيتم التعامل معه في موضوع عدم تمثيلها للطائفة السنية، وكذلك لقوى مسيحية، كما فعل العماد ميشال عون مع حكومة السنيورة الاولى عندما كان خارجها.
الا ان المعارضة الجديدة ستركز على موضوع سلاح «حزب الله» الذي باتت تعتبره يشكل خطرا على الصيغة اللبنانية التي عطّلها، كما ألغى الدستور، وفرض مرشحا لرئاسة الحكومة، من خارج التمثيل الصحيح.
فسلاح «حزب الله» واستخدامه في الداخل امنيا وسياسيا، وتعديل قواعد اللعبة الدستورية، وامساك بالقرار الداخلي، هو العنوان الذي ستتحرك لإلغائه المعارضة الجديدة، التي تتحضر لتحرك قد يطول وبشتى الاساليب، وقد بدأ مع صدور مرسوم تكليف الرئيس ميقاتي بتشكيل الحكومة.
أسألكُم الدعاء ، السلام عليكم .