أن أهل البيت سلام الله عليهم كانوا يتمتعون بطيب المخالقة على أعلى ما يمكن تصوّره من المستويات بل إن ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله في قوله «نحن أهل البيت لا يقاس بنا أحد»(1) قد أشار إلى عدم إمكانية تصوّر مستوياتهم، بما في ذلك مستوياتهم الخلقية، ولذلك فإنهم كانوا صادقين في علاقاتهم مع الناس، فسموا عن كلّ ما من شأنه أن يغضب الله عز وجل، في كل المواقف وتحت وطأة مختلف الظروف؛ سواء كانوا حاكمين أو محكومين، كباراً أو صغاراً ظاهرين أو مستترين.
فالإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه هو نفسه في عهد مولاه النبي المصطفى صلى الله عليه وآله، وهو نفسه بعد وفاته صلى الله عليه وآله، وكذلك في أيام حكمه سلام الله عليه، لم يتغيّر في خلقه شيء.
فقد روى العامة والخاصة بل غير المسلمين أيضاً، قصّة شراء الإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه قميصين أعطى أفضلهما خادمه قنبراً(2)، مع أنه سلام الله عليه كان يرأس أكبر حكومة على وجه الأرض ويرتقي المنبر ويلتقي كبار الرجال من مختلف الديانات والمذاهب والأقوام، ولم يتصرّف سلام الله عليه ذلك التصرّف إلا لأن خلقه من سنخ خلق الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله، فقالها سلام الله عليه مدويّة: «إن الله عز وجل قد فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيّغ (أي يهيج) بالفقير فقره»(3).
بل إن سيرة آل البيت سلام الله عليهم كانت ذات صبغة واحدة، سواء كان الإمام منهم حاكماً قائماً بالأمر أو مقصىً عنه، فقد روى يونس بن ظبيان عن سيرة الإمام الصادق سلام الله عليه قال:
كنت عند أبي عبد الله عليه السلام بالحيرة أيام مقدمه على أبي جعفر في ليلة صحيانة مقمرة، قال: فنظر إلى السماء فقال: «يا يونس، أما ترى هذه الكواكب ما أحسنها! أما إنها أمان لأهل السماء ونحن أمان لأهل الأرض».
ثم قال: «يا يونس، فمر بإسراج البغل والحمار».
فلما أسرجا قال: «يا يونس أيهما أحبّ إليك البغل أو الحمار؟».
قال: فظننت أن البغل أحبّ إليه لقوّته، فقلت: الحمار.
فقال: «أحبّ أن تؤتوني به».
قلت: قد فعلت.
فركب وركبت.
ولما خرجنا من الحيرة قال: «تقدم يا يونس».
قال: فأقبل يقول: « تيامن.. تياسر ».
فلما انتهينا إلى الذكوات الحمر قال: « هو المكان؟ ».
قلت: نعم.
فتيامن ثم قصد إلى موضع فيه ماء وعين، فتوضّأ، ثم دنا من أكمة فصلّى عندها ثم مال عليها وبكى، ثم مال إلى أكمة دونها ففعل مثل ذلك، ثم قال: «يا يونس افعل مثل ما فعلت».
ففعلت ذلك، فلما تفرّغت قال لي: «يا يونس تعرف هذا المكان؟».
فقلت: لا.
فقال: « الموضع الذي صلّيت عنده أوّلاً هو قبر أمير المؤمنين عليه السلام، والأكمة الأخرى رأس الحسين بن علي بن أبي طالب»(4).
هناك قضية يجب الانتباه لها، وهي أن المخالقة إن لم تكن نابعة من داخل الإنسان، فإنه سيبتلي بالتعرّض للضغوط النفسية الشديدة، جرّاء تصعنه ونفاقه وتذبذبه، الأمر الذي يؤدي الى عجزه في المحافظة على سلامته وصحّته، بينما إذا كان الفرد مؤمناً صادقاً بمخالقته ـ أي كان طيّب المخالقة ـ فإنه سوف ينطلق الى آفاق الحياة بكل أمن وسلامة.
إن من مميزات طيب المخالقة أنها تساعد الإنسان على مقاومة المشاكل، والصمود بوجه المشاكسين والمغالطين والمعاندين ومحاولة الوصول إلى برّ الأمان رغم كل الظروف.
فالإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه هو نفسه في عهد مولاه النبي المصطفى صلى الله عليه وآله، وهو نفسه بعد وفاته صلى الله عليه وآله، وكذلك في أيام حكمه سلام الله عليه، لم يتغيّر في خلقه شيء.
فقد روى العامة والخاصة بل غير المسلمين أيضاً، قصّة شراء الإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه قميصين أعطى أفضلهما خادمه قنبراً(2)، مع أنه سلام الله عليه كان يرأس أكبر حكومة على وجه الأرض ويرتقي المنبر ويلتقي كبار الرجال من مختلف الديانات والمذاهب والأقوام، ولم يتصرّف سلام الله عليه ذلك التصرّف إلا لأن خلقه من سنخ خلق الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله، فقالها سلام الله عليه مدويّة: «إن الله عز وجل قد فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيّغ (أي يهيج) بالفقير فقره»(3).
بل إن سيرة آل البيت سلام الله عليهم كانت ذات صبغة واحدة، سواء كان الإمام منهم حاكماً قائماً بالأمر أو مقصىً عنه، فقد روى يونس بن ظبيان عن سيرة الإمام الصادق سلام الله عليه قال:
كنت عند أبي عبد الله عليه السلام بالحيرة أيام مقدمه على أبي جعفر في ليلة صحيانة مقمرة، قال: فنظر إلى السماء فقال: «يا يونس، أما ترى هذه الكواكب ما أحسنها! أما إنها أمان لأهل السماء ونحن أمان لأهل الأرض».
ثم قال: «يا يونس، فمر بإسراج البغل والحمار».
فلما أسرجا قال: «يا يونس أيهما أحبّ إليك البغل أو الحمار؟».
قال: فظننت أن البغل أحبّ إليه لقوّته، فقلت: الحمار.
فقال: «أحبّ أن تؤتوني به».
قلت: قد فعلت.
فركب وركبت.
ولما خرجنا من الحيرة قال: «تقدم يا يونس».
قال: فأقبل يقول: « تيامن.. تياسر ».
فلما انتهينا إلى الذكوات الحمر قال: « هو المكان؟ ».
قلت: نعم.
فتيامن ثم قصد إلى موضع فيه ماء وعين، فتوضّأ، ثم دنا من أكمة فصلّى عندها ثم مال عليها وبكى، ثم مال إلى أكمة دونها ففعل مثل ذلك، ثم قال: «يا يونس افعل مثل ما فعلت».
ففعلت ذلك، فلما تفرّغت قال لي: «يا يونس تعرف هذا المكان؟».
فقلت: لا.
فقال: « الموضع الذي صلّيت عنده أوّلاً هو قبر أمير المؤمنين عليه السلام، والأكمة الأخرى رأس الحسين بن علي بن أبي طالب»(4).
هناك قضية يجب الانتباه لها، وهي أن المخالقة إن لم تكن نابعة من داخل الإنسان، فإنه سيبتلي بالتعرّض للضغوط النفسية الشديدة، جرّاء تصعنه ونفاقه وتذبذبه، الأمر الذي يؤدي الى عجزه في المحافظة على سلامته وصحّته، بينما إذا كان الفرد مؤمناً صادقاً بمخالقته ـ أي كان طيّب المخالقة ـ فإنه سوف ينطلق الى آفاق الحياة بكل أمن وسلامة.
إن من مميزات طيب المخالقة أنها تساعد الإنسان على مقاومة المشاكل، والصمود بوجه المشاكسين والمغالطين والمعاندين ومحاولة الوصول إلى برّ الأمان رغم كل الظروف.