ضغط الشهوات فرصة لتقوية الإرادة
إذا كان أبناء الأمة يمتلكون إرادة قوية تتعالى على الشهوات وتقاوم الإغراءات.. فإن الأمة ستكون شامخة قادرة على مواجهة الأعداء ومقاومة المستعمرين.
وسوف لن تركع أمام إرادة الاستعمار.. ولن تخضع للظلم أو ترضى بالاستعباد.
والأمة إنما تتكون من مجموع الأفراد، فإن كان أفراد الأمة مائعين خانعين منقادين للإغراءات والشهوات، فإن موقف الأمة وتعاملها مع الأعداء سيكون مائعاً خانعاً.
أما إذا كان أفراد الأمة يمتلكون صلابة الإرادة، وقوة النفس، والقدرة على مقاومة الضغوط،فإن الأمة بأبنائها تستطيع المجابهة والتحدي، والوقوف بشجاعة ضد أطماع الأعداء وخطط الاستعمار.
ومرحلة الشباب فرصة جيدة ثمينة لتنمية الإرادة وتقويتها لدى أجيال الأمة لماذا؟
لأن إرادة الإنسان لا تتقوى بمجرد الوعظ والإرشاد، وإنما بممارسة التحدي، أو مقاومة الإغراء والضغوط.
فالشخص الذي يجد نفسه أمام إغراءات قوية وتحت ضغط شهوات عارمة، يمكنه أن يتربى عملياً على الصلابة والصمود، وأن ينمي إرادته بالممارسة الفعلية، وذلك حينما يتسامى على الإغراءات ويرفض الخضوع لضغط الشهوات.
والشباب في مرحلة الشباب يعيش فترة التجربة والتدريب والامتحان لإرادته وملكاته.
فإذا توفر له التوجيه السليم، والوعي الإنساني الصحيح، والأجواء الصالحة استطاع أن يجتاز هذه التجربة بنجاح، ويتخرج من هذا الامتحان بإرادة قوية ونفسية صلبة.
إن الشاب يعاني كثيراً من ضغط الشهوات، ويتعرض لإغراءات مرهقة قوية.. ولكنه إذا تمكن من السيطرة على نفسه، والحفاظ على عرضه.. وقاوم كل تلك الإغراءات وتحدى ضغوط الشهوات الكبيرة الجامحة.. وخاصة في مجتمعاتنا حيث تتوفر أجواء الميوعة والفساد.. إذا تمكن الشاب من ذلك فهذا يعني امتلاكه لإرادة فولاذية، ونفس صامدة، تستطيع الأمة أن تعقد عليه آمال المستقبل.
وتطلق الأحاديث الشريفة على عزوف الشباب عن المغريات والمحرمات مصطلح التوبة والتي عندما تبرز روعتها في عفة الشباب واستقامتهم، يقول صلى الله عليه وآله وسلم " التوبة حسنة لكنه في الشباب أحسن"1.
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً: " ما من شيء أحب إلى الله من شاب تائب "2.
لماذا؟ لأن الشاب بإقلاعه عن المعاصي، وضبطه شهواته يمارس تحدياً قوياً، يربي نفسه على الصلابة والصمود.
وحينما ندرس حياة عظماء التاريخ البشري، نجد في أغلبهم أن مرحلة الشباب كان لها دور بارز في صقل نفسياتهم وتوجيههم باتجاه العظمة والكمال وذلك لأنهم استطاعوا التمسك بخط الفضيلة والالتزام، ورفضوا الانحدار إلى هوة الشهوات وسحيق الانحراف، رغم عنف الغريزة وتوفر الأجواء المساعدة على الفساد.
وإليكم بعض النماذج من حياة العظماء الذين استفادوا من مرحلة الشباب في تنمية إرادتهم، وتقوية صمودهم النفسي أمام الشهوات و الإغراءات.. وبذلك أهلوا أنفسهم لتقمص العظمة وارتقاء سلم المجد والكمال
1- فهذا نبي الله يوسف بن يعقوب عليه السلام وقد افتقد حنان الوالدين وعطفهما، منذ نعومة أظفاره، فبعد أ ن افتقد أمه تآمر عليه اخوته والقوه في غيابة الجب، ثم اشترته إحدى القوافل المصرية بثمن بخس، دراهم معدودة.
وشاءت له الأقدار أن يعيش مرحلة الشباب في بيت عزيز مصر، ومع زوجته زليخا والتي أغرمت بجمال يوسف المشهور واستقر عشقه في قلبها، وكان البيت خالياً من أي مزاحم، والأجواء مهيأة لتنفيذ خطة الشيطان.
تصور نفسك أيها الشاب، في موقع نبي الله يوسف عليه السلام، وفي مثل هذه الأجواء المشجعة على الانحراف، فماذا سيكون تصرفك ودورك؟
وفي الواقع فإن أكثر شبابنا يتعرضون للإغراءات التي تعرض لها هذا الشاب العظيم يوسف، ويعيشون نفس الأجواء التي عاشها..
وعليهم أن يتخذوا من يوسف قدوة وأسوة، يقتدون به في تحديه لتلك الإغراءات ومجابهته لتلك الأجواء فكيف كان موقفه هناك ؟
إن القرآن الكريم ببلاغته العظيمة وأسلوبه السماوي، يقص علينا جانبا من تلك الظروف الخطيرة التي عاشها نبي الله يوسف عليه السلام، وفي منزل عزيز مصر، ومع تحرشات زوجته زليخا.. يقول تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ * وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾3 ﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾4.
ويستمر القرآن في سرد بعض تفاصيل القصة، إلى أن يقول عن لسان زليخا زوجة عزيز مصر: ﴿َلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ﴾5.
﴿قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ * فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾6 وهكذا طلب يوسف من الله، أن يعينه على مقاومة ضغوط الشهوة، وأجواء الانحراف، واستجاب الله تعالى له وتغلب على تلك الظروف، ولكنه تحمل قسوة السجن الطويل، بإرادة قوية ونفسية شجاعة. وهكذا يجب أن يكون الشاب الصالح..
2- وثمة قصة رائعة ينقلها التاريخ بإكبار عن السيد (مير داماد) المشهور في إيران: فقد كان شابا يافعا يطلب العلم في إحدى المدارس الدينية في طهران، وفي إحدى الليالي وبينما كانت بنت شاه إيران في ذلك الوقت، تسير في الشارع مع جواريها وخدمها، إذ أمطرت السماء مطرا غزيراً، وهبت رياح عاتية قوية، فصارت كل واحدة من جواري بنت الشاه تبحث عن ملجأ لنفسها، إلى أن أصبحت بنت الشاه وحيدة في الشارع في ذلك الجو المزعج المخيف. ورأت باب المدرسة مفتوحا فدخلت المدرسة، وطرقت باب غرفة السيد الشاب، والذي كان يتدفأ بحرارة شيء من الجمر، يدفع به البرد القارس. وشرحت للسيد الشاب قصتها، فهي فتاة ضائعة تريد ملجأ يستضيفها ريثما يهدأ الجو وينبثق نور الصباح. فلم ير السيد بدا من الاستجابة لها، وأدخلها غرفته حيث جلست في زاوية، وجلس هو في زاوية أخرى. وبعد أن ذهب قسط من الليل بدأ الشيطان يمارس دوره الخبيث في مثل هذه الأجواء.. كما ورد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله: " لا يخلونَّ رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما "7. أصبح الشيطان يزين للسيد الشاب اغتنام الفرصة، وممارسة الشهوة المحرمة، فالجو مهيأ والباب مغلق، ولا تمتلك الفتاة أي وسيلة للدفاع والامتناع.. ولكنه هو الشاب الصالح الواعي صار يفكر في وسيلة يتخلص بها من مخالب الشهوة، ومصيدة الشيطان. وأخيرا توصل إلى طريقة قاسية تعينه على مقاومة شهواته، ومكافحة وساوس الشيطان.. وذلك بأن يضع إصبعه على الجمر حتى يشتغل بألم الحرق عن التفكير في الحرام، وهكذا استمر يحرق أصابعه طوال الليل، ويكابد الألم، وهو يخاطب نفسه قائلا: ذق النار وخف نار الآخرة !!
3- وهل سمع الأخوة الشباب عن ابن سيرين العالم المعروف بتفسير الأحلام: لقد كان شابا رشيق القوام، صبوح الوجه، جميل المنظر، وكان يعمل صانعا لبزاز يبيع الأقمشة، وذات يوم جاءت امرأة تشتري بعض الأقمشة، ثم طلبت من البزاز صاحب المتجر، أن يرسل معها، صانعه ابن سيرين ليحمل معها ما اشترت، ولتعطيه الثمن، وجاء معها ابن سيرين الشاب الجميل، وبعد أن دخل معها الدار، أغلقت الباب، وطلبت منه ممارسة الشهوة المحرمة، ولكنه رفض وامتنع، فأصرت عليه. وحينما رأى نفسه متورطا طلب منها أن تسمح له بدخول بيت الخلاء أولا، فسمحت له بذلك، فلما دخل بيت الخلاء لطخ جسمه كله بالقذارة والنجاسة، وخرج إليها في تلك الهيئة العفنة المشينة. ورأته المرأة على تلك الحالة فاشمأزت منه وطردته من الدار. وبهذا الحيلة تخلص من ورطة الشهوة والإغراء.
إذا كان أبناء الأمة يمتلكون إرادة قوية تتعالى على الشهوات وتقاوم الإغراءات.. فإن الأمة ستكون شامخة قادرة على مواجهة الأعداء ومقاومة المستعمرين.
وسوف لن تركع أمام إرادة الاستعمار.. ولن تخضع للظلم أو ترضى بالاستعباد.
والأمة إنما تتكون من مجموع الأفراد، فإن كان أفراد الأمة مائعين خانعين منقادين للإغراءات والشهوات، فإن موقف الأمة وتعاملها مع الأعداء سيكون مائعاً خانعاً.
أما إذا كان أفراد الأمة يمتلكون صلابة الإرادة، وقوة النفس، والقدرة على مقاومة الضغوط،فإن الأمة بأبنائها تستطيع المجابهة والتحدي، والوقوف بشجاعة ضد أطماع الأعداء وخطط الاستعمار.
ومرحلة الشباب فرصة جيدة ثمينة لتنمية الإرادة وتقويتها لدى أجيال الأمة لماذا؟
لأن إرادة الإنسان لا تتقوى بمجرد الوعظ والإرشاد، وإنما بممارسة التحدي، أو مقاومة الإغراء والضغوط.
فالشخص الذي يجد نفسه أمام إغراءات قوية وتحت ضغط شهوات عارمة، يمكنه أن يتربى عملياً على الصلابة والصمود، وأن ينمي إرادته بالممارسة الفعلية، وذلك حينما يتسامى على الإغراءات ويرفض الخضوع لضغط الشهوات.
والشباب في مرحلة الشباب يعيش فترة التجربة والتدريب والامتحان لإرادته وملكاته.
فإذا توفر له التوجيه السليم، والوعي الإنساني الصحيح، والأجواء الصالحة استطاع أن يجتاز هذه التجربة بنجاح، ويتخرج من هذا الامتحان بإرادة قوية ونفسية صلبة.
إن الشاب يعاني كثيراً من ضغط الشهوات، ويتعرض لإغراءات مرهقة قوية.. ولكنه إذا تمكن من السيطرة على نفسه، والحفاظ على عرضه.. وقاوم كل تلك الإغراءات وتحدى ضغوط الشهوات الكبيرة الجامحة.. وخاصة في مجتمعاتنا حيث تتوفر أجواء الميوعة والفساد.. إذا تمكن الشاب من ذلك فهذا يعني امتلاكه لإرادة فولاذية، ونفس صامدة، تستطيع الأمة أن تعقد عليه آمال المستقبل.
وتطلق الأحاديث الشريفة على عزوف الشباب عن المغريات والمحرمات مصطلح التوبة والتي عندما تبرز روعتها في عفة الشباب واستقامتهم، يقول صلى الله عليه وآله وسلم " التوبة حسنة لكنه في الشباب أحسن"1.
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً: " ما من شيء أحب إلى الله من شاب تائب "2.
لماذا؟ لأن الشاب بإقلاعه عن المعاصي، وضبطه شهواته يمارس تحدياً قوياً، يربي نفسه على الصلابة والصمود.
وحينما ندرس حياة عظماء التاريخ البشري، نجد في أغلبهم أن مرحلة الشباب كان لها دور بارز في صقل نفسياتهم وتوجيههم باتجاه العظمة والكمال وذلك لأنهم استطاعوا التمسك بخط الفضيلة والالتزام، ورفضوا الانحدار إلى هوة الشهوات وسحيق الانحراف، رغم عنف الغريزة وتوفر الأجواء المساعدة على الفساد.
وإليكم بعض النماذج من حياة العظماء الذين استفادوا من مرحلة الشباب في تنمية إرادتهم، وتقوية صمودهم النفسي أمام الشهوات و الإغراءات.. وبذلك أهلوا أنفسهم لتقمص العظمة وارتقاء سلم المجد والكمال
1- فهذا نبي الله يوسف بن يعقوب عليه السلام وقد افتقد حنان الوالدين وعطفهما، منذ نعومة أظفاره، فبعد أ ن افتقد أمه تآمر عليه اخوته والقوه في غيابة الجب، ثم اشترته إحدى القوافل المصرية بثمن بخس، دراهم معدودة.
وشاءت له الأقدار أن يعيش مرحلة الشباب في بيت عزيز مصر، ومع زوجته زليخا والتي أغرمت بجمال يوسف المشهور واستقر عشقه في قلبها، وكان البيت خالياً من أي مزاحم، والأجواء مهيأة لتنفيذ خطة الشيطان.
تصور نفسك أيها الشاب، في موقع نبي الله يوسف عليه السلام، وفي مثل هذه الأجواء المشجعة على الانحراف، فماذا سيكون تصرفك ودورك؟
وفي الواقع فإن أكثر شبابنا يتعرضون للإغراءات التي تعرض لها هذا الشاب العظيم يوسف، ويعيشون نفس الأجواء التي عاشها..
وعليهم أن يتخذوا من يوسف قدوة وأسوة، يقتدون به في تحديه لتلك الإغراءات ومجابهته لتلك الأجواء فكيف كان موقفه هناك ؟
إن القرآن الكريم ببلاغته العظيمة وأسلوبه السماوي، يقص علينا جانبا من تلك الظروف الخطيرة التي عاشها نبي الله يوسف عليه السلام، وفي منزل عزيز مصر، ومع تحرشات زوجته زليخا.. يقول تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ * وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾3 ﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾4.
ويستمر القرآن في سرد بعض تفاصيل القصة، إلى أن يقول عن لسان زليخا زوجة عزيز مصر: ﴿َلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ﴾5.
﴿قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ * فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾6 وهكذا طلب يوسف من الله، أن يعينه على مقاومة ضغوط الشهوة، وأجواء الانحراف، واستجاب الله تعالى له وتغلب على تلك الظروف، ولكنه تحمل قسوة السجن الطويل، بإرادة قوية ونفسية شجاعة. وهكذا يجب أن يكون الشاب الصالح..
2- وثمة قصة رائعة ينقلها التاريخ بإكبار عن السيد (مير داماد) المشهور في إيران: فقد كان شابا يافعا يطلب العلم في إحدى المدارس الدينية في طهران، وفي إحدى الليالي وبينما كانت بنت شاه إيران في ذلك الوقت، تسير في الشارع مع جواريها وخدمها، إذ أمطرت السماء مطرا غزيراً، وهبت رياح عاتية قوية، فصارت كل واحدة من جواري بنت الشاه تبحث عن ملجأ لنفسها، إلى أن أصبحت بنت الشاه وحيدة في الشارع في ذلك الجو المزعج المخيف. ورأت باب المدرسة مفتوحا فدخلت المدرسة، وطرقت باب غرفة السيد الشاب، والذي كان يتدفأ بحرارة شيء من الجمر، يدفع به البرد القارس. وشرحت للسيد الشاب قصتها، فهي فتاة ضائعة تريد ملجأ يستضيفها ريثما يهدأ الجو وينبثق نور الصباح. فلم ير السيد بدا من الاستجابة لها، وأدخلها غرفته حيث جلست في زاوية، وجلس هو في زاوية أخرى. وبعد أن ذهب قسط من الليل بدأ الشيطان يمارس دوره الخبيث في مثل هذه الأجواء.. كما ورد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله: " لا يخلونَّ رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما "7. أصبح الشيطان يزين للسيد الشاب اغتنام الفرصة، وممارسة الشهوة المحرمة، فالجو مهيأ والباب مغلق، ولا تمتلك الفتاة أي وسيلة للدفاع والامتناع.. ولكنه هو الشاب الصالح الواعي صار يفكر في وسيلة يتخلص بها من مخالب الشهوة، ومصيدة الشيطان. وأخيرا توصل إلى طريقة قاسية تعينه على مقاومة شهواته، ومكافحة وساوس الشيطان.. وذلك بأن يضع إصبعه على الجمر حتى يشتغل بألم الحرق عن التفكير في الحرام، وهكذا استمر يحرق أصابعه طوال الليل، ويكابد الألم، وهو يخاطب نفسه قائلا: ذق النار وخف نار الآخرة !!
3- وهل سمع الأخوة الشباب عن ابن سيرين العالم المعروف بتفسير الأحلام: لقد كان شابا رشيق القوام، صبوح الوجه، جميل المنظر، وكان يعمل صانعا لبزاز يبيع الأقمشة، وذات يوم جاءت امرأة تشتري بعض الأقمشة، ثم طلبت من البزاز صاحب المتجر، أن يرسل معها، صانعه ابن سيرين ليحمل معها ما اشترت، ولتعطيه الثمن، وجاء معها ابن سيرين الشاب الجميل، وبعد أن دخل معها الدار، أغلقت الباب، وطلبت منه ممارسة الشهوة المحرمة، ولكنه رفض وامتنع، فأصرت عليه. وحينما رأى نفسه متورطا طلب منها أن تسمح له بدخول بيت الخلاء أولا، فسمحت له بذلك، فلما دخل بيت الخلاء لطخ جسمه كله بالقذارة والنجاسة، وخرج إليها في تلك الهيئة العفنة المشينة. ورأته المرأة على تلك الحالة فاشمأزت منه وطردته من الدار. وبهذا الحيلة تخلص من ورطة الشهوة والإغراء.