بسم الله الرحمان الرحيم
اللهمّ صلّي على محمّد وآلِ محمّد وعجِّل فرجهُم
من أقوال الإمام الحسن المجتبى عليه السلام : أوصيكم بتقوى الله، وإدامة التفكّر، فإنّ التفكّر أبو كلّ خيرٍ وأمّه .
للجواب على هذا السؤال نقول التالي :
لا توجد حركة بدون محفِّز ، وبالطبع فلا يُمكِن للحركة في طريق معرفة مبدأ عالم الوجود أن تكزن بلا محفِّز ، ومن هنا يذكر العلماء ثلاث محفِّزات أساسيّة للبحث عن الله تعالى وهي :
الحافز العقلي .
الحافز الفطري .
الحافز العاطفي .
في هذه النشرة سنتحدّث عن الحافز العقلي ...
الإنسان يعشق الكمال ، ويُعتبرُ هذا العشق عِشقاً خالداً عند كُلِّ إنسان ، يبقى أنّ كُلَّ إنسانٍ يرى كماله في شيء مُعيّن فيذهب نحوه ، فالبعض يذهب باتجاه الغرائزِ والشهوات والأوهام ويتصوّرها كمالاً وواقعاً بدل أن يذهب باتجاه الحقِّ والكمال المطلق الله تعالى .
قد يُسمّى هذا المبدأ احياناً بالميول نحو " حُبِّ المنفعة ودفع الضرر " التي يجدُ الإنسان نفسه ملزماً أن يكون له تعاملٌ جاد مع كُلِّ المواضيع المتعلِّقة بمصيره .
فهذا العشقُ للكمال والميلُ نحو اتلمصالح المعنويّة والماديّة ودفع كُلِّ أواع الضرر يجبُر الإنسان على التحقيق حتّى في مواضِع الإحتمال ، فكُلّما كان الإحتمالُ أقوى ، وذلك النفعُ والضرر أعظم كان التحقيقُ والنظرُ أوجب .
ومن المستحيلِ أن يحتمِلَ شخصاً تأثير أمرٍ مُهِم في مصيره ولا يرى من واجبه التحقيق والنظر حوله .
وقضيّة الإيمان بالله والبحث عن الدين تُعتبر من هذه القضايا بلا شك ، لأنّ هنالك في محتوى الدين كلام عن القضايا المصيريّة ،وعن القضايا التي يرتبطُ بها خير وشرّ الإنسان إرتباطاً وثيقاً .
فعل سبيل المثال : لنفترض أننا نجدُ إنساناً واقفاً على مفترق طريقين وهو يقول : إنّ البقاء هنا خطرٌ يقيناً ، واختيار هذا الطريق لإشارةً إلى أحد الطريقين هو الآخر خطر ، والطريق الثاني هو طريق النجاة ، ثمّ يذكر شواهدً على كُلِّ ما قاله . فمن الطبيعي أن كُلّ عابر سبيل سيرى نفسه ملزماً بالتحقيق ويعتقد أنّ الا مبالاة اتجاه هذه الأقوال مُخالفةً لحكم العقل .
يقول القرآن الكريم : قُل أرءيتُم إن كان من عِندِ الله ثُمّ كفرتُم به مَنْ أضلَّ مِمَّنْ هو في شِقاقٍ بعيد .
( أ رءيتُم ) تأتي عادةً بمعنى أخبروني .
تقول الآية لهؤلاء الذين يرفضون حقّانيّة القرآن والتوحيد ووجود عالم ما بعد الموت .. أنتم لا تملكون حتماً دليلاً قاطعاً على هذا الرفض ، فانتظروا مصيركم الموحش الأسود جراء عنادكم وضلالكم .
وفي محاججةٍ للإمام الصادق (ع) مع عبد الكريم بن أبي العوجاء الذي كان من ملاحدة عصره .
كان ابن ابي العوجاء قد حضر موسم الحج فسأله الإمام الصادق (ع) : " ما جاء بِكَ إلى هذا الموضع ؟
فاجابه ابن أبي العوجاء : " عادة الجسد ، وسنّة البلد ، ولننظر ما الناس فيه من الجنون والحلق ورمي الحجارة !
فقال لهُ الإمام (ع) : " أنت بعد على عتوِّك وضلالك يا عبد الكريم ، وهنا نشير إلى أنّ عبد الكريم كان معروفاً بابن أبي العوجاء ، فالإمام (ع) ناداه باسمه الحقيقي " عبد الكريم " مع كونه منكراً لله تعالى ليشعره مهانة ما هو عليه ، فاسمه " عبد الكريم " وهو ملحدٌ ينكر الخالق الكريم العزيز .
فعندما أراد ابن ابي العوجاء أن يبدأ بالمناقشة والجدال قال له الإمام الصادق (ع) لا جِدال في الحج . ثُمّ قال له : إن يكُن الامر كما تقول ، وليس كما نقول ، نجونا ونجوت . وإن يكن الأمر كما نقول ، وهو كما نقول نجونا وهلكت .
فأقبل " عبد الكريم بن ابي العوجاء " على من معه وقال : وجدّتُ في قلبي حزازة ( ألم ) فرُدُّني ، فردُّه فمات .
أسألكم الدعاء ... سأكمل في النشرةِ القادمة الحديث عن الحافز العاطفي ..
السلام عليكم