إيثار الزهراء (ع)
كانت فاطمة ـ عليها السلام ـ تجوع لتطعم الفقراء والمساكين . . واحياناً كانت توسع أغلب البيوتات في المدينة , توسعهم من طعامها , حتى ورد في سيرتها : أنها كانت تتفقد جيرانها , واحداً واحداً , وكانت تذكر اسماءهم في صلاتها , فتدعو لهم . . وناهيك بما في هذا العمل , من انشداد وثيق , لعرى المجتمع , وارتباط عميق للناس جميعاً. بالإضافة الى ان هذا الصنيع الطيب , يؤدي الى تنسيق القلوب بنور الإيمان, وطمأنينة الأخلاق الكريمة, ونقرأ هذه الرواية :
عن جابر بن عبد الله أن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ أقام أياماً لم يطعم طعاماً حتى شقّ ذلك عليه , وطاف في منازل أزواجه فلم يصب عند واحدة منهن شيئاً. فأتى فاطمة فقال : يا بنية هل عندك شيء آكله فإني جائع ؟ فقالت : لا والله بأبي انت وأمي . .
فلما خرج من عندها بعثت اليها جارة لها برغيفين وقطعة لحم , فأخذته ووضعته في جفنة لها وغطته عليها وقالت: لأوثرنّ بها رسول الله على نفسي ومن عندي , وكانوا جميعاً محتاجين الى شبعة طعام فبعثت حسناً وحسيناً الى رسول الله (ص) فرجع اليها , فقالت : بأبي انت وأمي قد أتانا الله بشيء فخبأته , قال : هلمّي , فأتته فكشفت عن الجفنة فإذا هي مملوءة خبزاً ولحماً , فلما نظرت إليه بهتت فعرفت أنها كرامة من الله عزّ وجلّ فحمدت الله وصلّيت على نبيه . .
فقال ـ صلى االه عليه وآله وسلم ـ : من أين لك هذا يا بنية ؟ فقالت : هو من عند الله يرزق من يشاء بغيرحساب. فحمد الله عزّ وجلّ وقال : الحمد لله الذي جعلك شبيهة بسيدة نساء العالمين في نساء بني اسرائيل في وقتهم , فإنها كانت إذا رزقها الله تعالى فسئلت عنه فقالت : هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب . .
فبعث رسول الله (ص) الى علي ثم أكل رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين وجميع أزواج النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وأهل بيته جميعاً وشبعوا وبقيت الجمنة كما هي . .
قالت فاطمة : فأوسعت منها على جميع جيراني وجعل الله فيها البركة والخير كما فعل الله بمريم ـ عليها السلام ـ . .